
استبن (افتتاحية) - منتصف سبتمبر الماضي، أكدت الجزائر استعدادها التام لإنجاز مشروع الطريق البري الرابط بين تندوف بالجزائر والزويرات بموريتانيا، والذي يبلغ طوله 773 كلم، وذلك خلال أول زيارة خارجية لوزير خارجيتها أحمد عطاف.
ومن جهة أخرى عرفت العلاقات المغربية الموريتانية أوج تطورها خلال السنتين الماضيتين.
أما التأثير الموريتاني في الشأن المالي وتطور العلاقات مع السنغال، فهذا ليس مجرد حديث، بل تعداه إلى أفعال واتفاقيات موقعة، ربطت البلدين مؤخرا، شأنها شأن جسر الأخوة الرابط بين البلدين والذي تقدمت أشغاله بشكل كبير.
وبعيدا عن الوضع المتأزم؛ والسمعة المشوهة؛ التي عرفتها بلادنا سنوات طويلة في تقارير الخارجية الأمريكية، والتي كانت تُستقى غالبا من تقارير تعدها منظمات حقوقية مشكوك في نزاهتها، استطاعت الخارجية الموريتانية أن تسحب القلم والمداد من تلك المنظمات وتكسب تقاريرها ثقة الأمريكيين، وينعكس ذلك على تعامل الولايات المتحدة مع البلاد لتظهر لأول مرة الصورة الإيجابية لبلادنا في عيون أقوى دول العالم.
كما عرفت العلاقات الموريتانية بدول الاتحاد الأروبي تطورا ملحوظا لدرجة أن المغرضين من أصحاب التقولات العشوائية أصبحوا يتساءلون ماهو الوفق السحري الذي تحرز به الرئيس غزواني حتى ينال تلك الكمية من ثقة الأوربيين..!
يأتي ذلك في ظل علاقات أكثر وثيقة إذا اتجهنا شرقا نحو الصين وروسيا وإيران، ويظهر ذلك جليا في عدد الزيارات المتبادلة بين مسؤولي هذه الدول و المسؤولين الموريتانيين.
كما حافظت موريتانيا على قدر كبير من قوتها الناعمة وديبلوسيتها الذكية في تعاطيها مع محيطها الإقليمي، كمجموعة G5 والجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي.
إن المتتبع لهذا الأخطبوط من العلاقات سيدرك جيدا أن الديبلوماسية الموريتانية قادرة على النهوض إذا وفرت لها الظروف، وأن الرئيس غزواني أستطاع أن يوفر تلك الظروف من خلال وضع رجل ثقته على هذا القطاع الهام.
ولا شك أن وزير الخارجية والتعاون الحالي الدكتور محمد سالم ولد مرزوك يختلف عن بقية رجال النظام، حيث أن الساسة ينقسمون لصنفين اثنين.
الأول: ذلك السياسي الذي يستخدم النظام كوسيلة لتحقيق أهدافه، وهذا النوع منتشر بشكل كبير.
الثاني: السياسي الشمعة؛ وهو ذلك السياسي الذي يأخذ على عاتقه بناء النظام والدولة، شأنه شأن الشمعة التي تحترق لتوفر نورا للآخرين.
ولعل وزير الخارجية الحالي من النوع الثاني، فالعارفون به والمقربون منه، لا يختلفون على قول واحد؛ وهو أن ولد مرزوك هو رجل غزواني -وربما الوحيد- الذي وضع نفسه كوسيلة لدعم وإنجاح الحكم الذي ينتمي إليه.
وعودة للوراء.. لم يكن نجاح الدبلوماسية الموريتانية هذا أول نجاح للرجل؛ فقد استطاع خلال فترة وجيزة أن يجسد جو الانفتاح الذي تعهد به غزواني، أيام إسناد حقيبة الداخلية له.
كما نجح في نزع فتيل أزمات كادت أن توصل البلاد لموقع الخطر ، ورسخ جو الإجماع السياسي الذي جاء به الرئيس غزواني، حتى أصبح واقعا بعد أن كان نوعا من التعلق بحبال الغيب.
#استبن