يعرف المختصون الرفاه الاجتماعي بأنه الرضا المشترك لعدة عوامل أو مجالات أساسية في حياة الإنسان، فيتم التعبير عنه مثلا من خلال مستويات المعيشة والصحة والتعليم والسكن والأمن... وهذه مستويات متكافئة من حيث الضرورة، وتشكل ما يمكن أن نسميه بحلقة الرفاه الاجتماعي الذي هو مطلب الشعوب وهدف التنمية وصلب اهتمام استراتيجيات الحكومات الجادة.
وعلى الرغم من غياب خطط واضحة وصادقة لتحقيق الرفاه الاجتماعي في سياسات الحكومات الموريتانية المتعاقبة إلا أنه ومنذ وصول فخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد الشيخ الغزواني، لقيادة البلد انتعش الأمل لدى المواطنين في التقدم خطوات جادة نحو التنمية والرفاه.
لقد بدأ فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مأموريته الأولى بالتركيز على الشؤون الاجتماعية وترقية الفئات الأقل حظا في التنمية، ومحاربة الهشاشة والغبن، فكان إنشاء المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء "تآزر" والتي تعتبر تجسيدا فعليا لإرادة جادة وصادقة لجعل الرفاه الاجتماعي المشترك واقعا ملموسا في حياة المواطنين دون تمييز إلا تميزا إيجابيا يمنح الفرصة لمن قعدت بهم ممارسات التهميش ليلحقوا بعامة المجتمع دون أن ينقص ذلك من حقوق المواطنين الآخرين شيئا، نعم إنها رؤية الفائدة الشاملة والمنصفة للجميع، وليست تآزر وحدها في هذا المجال بل تنضاف إليها عدة مؤسسات ومشاريع وطنية تعمل في تناغم تام وفق خطة متكاملة، ومن هذه المؤسسات على سبيل المثال (مفوضية الأمن الغذائي، ومشروع أمل، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والصندوق الوطني للتأمين الصحي، وصندوق التأمين التضامني...).
وهنا أريد أن أتناول بشيء من التفصيل إحدى أهم هذه المؤسسات وأكثرها محورية في مسألة الرفاه الاجتماعي المشترك ألا وهي "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS"، فمنذ إنشاء هذه المؤسسة 1967م وهي تلعب دورا أساسيا وفعالا في تغطية الخدمات العائلية والمعاشات التقاعدية والإعاقة والوفاة، بالإضافة إلى أدوار ومسؤوليات أخرى تطلع بها هذه المؤسسة العتيقة الرائدة.
وقد شهد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في السنوات الأربع الأخيرة قفزة نوعية في مجال تطوير الخدمات وترقية الإدارة وريادة الأنظمة الحاكمة، ويأتي هذا التطور استجابة وتجسيدا للرؤية والتوجيهات الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني، من خلال سهر إدارة الصندوق برئاسة السيد المدير العام: د. سيدي عثمان ولد محمد المامون، على تحقيق الأهداف العليا التي أنشأت المؤسسة من أجلها والسعي الحثيث والعمل الجاد والدؤوب من أجل تطوير العمل في الأساليب والخدمات، وقد حقق الصندوق جملة من الإنجازات الهامة منها مثالا لا حصرا:
1. التطبيق الفوري والفعال لقرار رفع سن التقاعد إلى 63 سنه، من خلال تعديل القانون المنظم للضمان الاجتماعي.
2. إلغاء شرط بلوغ سن 50 سنة بالنسبة لأرامل العمال والمتقاعدين، والذي كان يمنع استفادة الأرامل قبل بلوغ هذا العمر.
3. رفع سقف اشتراكات الضمان الاجتماعي من 7000 إلى 15000 اوقية جديدة وقد أدى هذا إلى الرفع من مستوى عائدات مؤسسة الصندوق ومن مستوى المعاشات المحسوبة وتعويضات إجازة الأمومة.
4. التسوية النهائية لإشكالية تأمين حمالة ميناء نواكشوط المستقل (ميناء الصداقة) وقد نتج عن ذلك تأمين 2346 حمالا وتسوية معاش التقاعد لـ88 كانوا قد تقاعدوا أو توفوا قبل هذا الإجراء.
5. قام الصندوق بزيادة لجميع معاشات التقاعد بنسبة 60% من مجمل المعاش؛ وقد بلغت الكلفة الإجمالية لهذه الزيادة 240 مليون أوقية جديدة عن سنة 2021 وهو ما يعادل مليارين وأربعمائة مليون أوقية قديمة.
6. الاهتمام بترقية الموارد البشرية ودعم الحكامة الرشيدة في التسيير من خلال اكتتاب 31 مفتشا من مختلف التخصصات تلقوا تكوينا مكثفا لمدة خمسة أشهر في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء.
7. زيادة حجم التحصيل المالي للصندوق انطلاقا من مقاربة إدارية ناجعة.
8. تنشيط وكالات الصندوق على عموم التراب الوطني وتزويدها بالدعم الفني واللوجستي وكل الوسائل التي تمكنها من أداء مهامها بكل سهولة ويسر، مع التدريب والتكوين المستمر.
9. وفي إطار تقريب الإدارة الخدمية من المواطن وتلبية لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية قامت إدارة الصندوق مشكورة بفتح مركز خدماتي كبوابة ميسرة في خدمة كل المؤمنين الاجتماعيين.
10. تنفيذ الزيادة التي أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية والتي تخص المستحقات العائلية، وهي زيادة تقدر بنسبة 66%، وتعتبر هذه الزيادة دعما مهما لجهود الدولة في إرساء قواعد المدرسة الجمهورية حيث أنها وحدت بين التعويضات العائلية التي يحصل عليها الموظفون في القطاعين العام والخاص.
بالإضافة إلى هذه الإنجازات الهامة، قطعت مؤسسة الصندوق في السنوات الأربع الأخيرة أشواطا مهمة بل رائدة في مجال الحكامة المالية والرقمنة، حيث يعتبر الصندوق اليوم مثالا يحتذى به في مجال الشفافية المالية وحسن التسيير وذلك بشهادة الجميع، سواء من الجهات المختصة أو من خلال مراجعي الصندوق من الفروع الثلاثة، أما في مجال اللا مركزية فقد استطاع الصندوق في الآونة الآخيرة أن يحسن من الأداء العام لوكالاته في الداخل، وذلك وفق منظومة متكاملة اشتملت على التكوين والدعم اللوجستي والمعنوي، مما أدى إلى ارتياح كبير من قبل المستفيدين من خدمات الصندوق على عموم التراب الوطني.
وسيظل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بحول الله تعالى مؤسسة وطنية رائدة في عملها تطمح دائما لترقية الأداء وتطوير العمل وزيادة الإنتاجية، وفق رؤية مستنيرة وعزيمة قوية وخطط تواكب متطلبات التنمية في البلد.