قبل وأثناء الانتخابات المنصرمة كنت - كأغلب الموريتانيين - ينتابني فضول حذر حول نتائجها ، وذلك بالنظر إليها كاستفتاء أبيض للانتخابات الرئاسية القادمة وفي ظل ظروف ليست مثالية فيما يخص الحزب الأكبر ( حزب الإنصاف ).
في النماذج الماضية كانت التوقعات مجرد سرد مبدئي للنتائج وذلك لاعتبارات سياسية صرفة تتعلق بالتدخل المباشر للسلطة في التعبئة والحشد من رأس الهرم حتى حواشي قاعدته .
ووفق المعطيات الاجتماعية المعهودة يكون الحسم لصالح الحزب الحاكم أمرا مفروغا منه .
في هذه الانتخابات نجح الرئيس في حيازة سبق الحياد محافظا على المسافة التي صنعها بين رئاسة الجمهورية وكل الأطياف السياسية.
وهو الحياد الذي اعتبره البعض مغامرة غير مضمونة النتائج ، لكونها سابقة لا يمكن التنبؤ بمآلاتها .
لكن الأحداث كشفت عن ترابط وثيق بين خطاب الأول من مارس وأسلوب الرئيس في التمسك بمشروع سياسي يؤسس للوعي بالدولة كمظلة للجميع وللرئيس كرئيس للجمهورية .
لقد اختط الرئيس حيزا محايدا وجامعا وعلى مسافة واحدة من كل الأطياف والتوجهات والآراء والمواقع والمواقف .
لقد مر حياد الرئاسة مرورا آمنا في أول تجربة وطنية من نوعها .
وبالنظر إلى ماكان عليه حزب الانصاف قبل الدخول للانتخابات من مخاضات داخلية وتحديات خارجية جعلت توقعات أكثر المتفائلين محصورة في الخروج باغلبية يحصل عليها السكوت ، إلا أن النجاح الكببر الذي حققه - وهو خارج من تلك الوضعية و رغم المغاضبات والانشقاقات الكبيرة بعيد الاعلان عن لوائح مرشي الحزب - كان نجاحا للرئيس وليس للحزب .
فخلاف القيادات مع القوي التقليدية ادت بشكل جلي إلى تآكل شعبية الحزب المنضوية تحت تلك الألوية المغاضبة .
فمن الذي صوت للحزب ؟
ولماذا ؟
وحدها سياسات التضامن والتكافل الاجتماعي التي أطلقها الرئيس هي من وجهت الناخب صوب شعار الحزب وخياراته .
لقد نجح الحزب بشعبية الرئيس ونجح الرئيس في أن يكون رئيسا .
أما النجاح الثالث فقد سبقت نتائجه موعده ( الانتخابات الرئاسية المقبلة )، حيث أبانت صناديق 13 مايو عن حصول الرئيس على مايقارب 80% من أصوات الموريتانيين .
وهو رقم يمثل نتيجة أولية لصالح الرئيس في للانتخابات القادمة.