
استبن (افتتاحية) - "فلنختلف باحترام، ولنعبر عن تباين آرائنا برقي، ولنتنافس بقوة، لكن في إطار من المسؤولية الأخلاقية والالتزام الأدبي".. انتهى الاستشهاد.
هكذا نصيا وجه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، الأحزاب السياسية، في أول رسالة من نوعها منذ فجر التعددية الحزبية في البلاد، داعيا إلى صيانة الهدوء السياسي، الذي رأى فيه أحد مكاسب الفترة القائمة.
المراقبون للمشهد رأوا في سلوكيات القوى المعارضة خلال الحملة الحالية احتراما شبه تام لتعليمات الخطاب الرئاسي، باستثناء هانات قليلة لاتذكر، والتي صدرت عن قوى سياسية كحزب تواصل ورئيس حركة إيرا، لكن المراقبين أكدوا أن تلك الهانات، تدخل دائما في إطار ردود الأفعال على استفزازات قوى الموالاة، أو حزب الإنصاف على وجه الخصوص.
المفارقة الكبرى أن كسر التعليمات الرئاسية وضرب عرض الحائط بها، تم هذه المرة من قبل الحزب الذي يتخذ من الرئيس مرجعية له، والأجدر باحترام تعليماته، والأغرب من ذلك وفق المتابعين، أن الهدف من تلك التصرفات التي وصفت بالرعونة، هو الاستئثار برئيس الجمهورية وعزله عن بقية المنافسين..!
اختفى رئيس الحزب -في ظروف وصفت بالغامضة- منذ انطلاق الحملة، ليتربع خطاب الوزير السابق المختار ولد اجاي، الذي تم تداوله في مقطع مسرب، على منصات الحزب، ويؤمّن المسؤولون على دعائه، وعلى رأسهم الوزير الأول محمد ولد بلال، الذي وصف من قبل بعض النشطاء بأنه سكت دهرا عن السياسة، ونطق كفرا في تعاليمها، مشفعا ذلك بسيل من التهديدات، الخارجة على تقاليد الحكم الحالي وأسالبيه.
وفي أقليم المناطق الشرقية، تبنى الناطق باسم الحكومة خطاب ولد اجاي، تاركا الفرصة لرئيس الحزب الحاكم السابق للسير مستدلا برائحة ذيله، في إقليم الجنوب.
عدم معالجة تبعات تلك التصريحات من قبل الحكماء، شجعت رئيس البرلمان المنحل على تبني نفس الخطاب في مدينة وادان في منطقة الشمال، تاركا الفرصة لمستشار الرئيس غزواني لإكمال رسالته في العاصمة الاقتصادية.
أحزاب الأغلبية، رأت في خطاب "حركة ولد اجاي الحزبية" تجاسرا كبيرا وإساءة بالغة وخروجا على الثوابت، تهدد مستقبل المولاة بتشكيلتها الحالية، الأمر الذي عبر عنه أكثر من حزب بأساليب مختلفة، كان آخرها البيان الصادر عن التحالف الشعبي الذي يقوده الزعيم السياسي مسعود ولد بلخير يوم أمس.
أما المعارضة فقد رأت في الصراع المحتدم بين مسؤولي حزب الإنصاف وأغلبية الرئيس كفافا للقتال، وفرصة مؤاتية لتخزين أسلحتها السياسية لمعارك أهم، منتهزة فرصة صراع الموالاة ومركزة جهودها على مضاعفة حملاتها الدعائية من أجل استجلاب كم أكبر من أصوات الناخبين.
أما المراقبون فقد رأوا في الصراع أهدافا مبيتة لتفريق الإجماع الذي سهر ولد الغزواني على تحقيقه، وإظهارا من قبل أحد الفاعلين في حزب الإنصاف لمدى قوته، من خلال إقناع المتابعين، أنه سينفذ أهدافه الشخصية، حتى ولو اصطدمت بكلام الرئيس شخصيا..!
#استبن