على مدار الساعة

قرر بيرام أن يمدح "البظان" فقارنهم بكفار قريش / محمد افو

11/05/2022 - 11:59

هذا ليس عنونا لمقال

إنما هو اقتباس من سعال السياسة.

 

لست بحاجة لتأكيد موقفي من حرية التعبير ولا صراحته.

فجل أعمار المشاكل الكبرى كانت خلف الصمت والمجاملة والمواربة.

وقد كتبت سابقا عن تفهمي لمنهج التعبير عند بيرام.

فالمجتمع الصحراوي - بيئيا - يفضل إيكال جل مهامه للوقت، فهو طويل أكثر من الحاجة على عكس الأحداث التي تمر سريعا وتأتي نادرا في تلك الظروف التي تحتاج لملهاة .

 

لقد ظهر بيرام متأخرا جدا بعد أن تفحص جل مسارات العمل السياسي الذي يحتاج لطول النفس وبناء السيرة والتاريخ، والتي لم تكن مناسبة ل " لسرعة قذف" الأطماع في الضمير اليافع أنذاك.

 

لقد جاء ليقرأ رواية واقعية ويعيد تمثيل دور أبطالها.

والممثل تدفعه غاية و موهبة التمثيل، عكس الأبطال الواقعيين في قلب الرواية.

لقد جاء بيرام بعدما توجت نضالات الموريتانيين بالنجاحات الكبرى على صعيد الثقافة والقانون والمجتمع.

فقد جال الكادحون أصقاع الوطن لتوعية العبيد ومساعدتهم في تحرير أنفسهم من ربقة التبعية للتجهيل والاستعباد، وواجهوا مجتمعاتهم في سبيل تلك الغاية دون كلل.

جاء بيرام بعدما صالت حركة الحر بنضالاتها المشهودة في ذات الصدد وانخرطت في صياغة المشروع الوطني الشامل لكل الموريتانيين.

 

جاء بيرام بعد أن دق جيل التأسيس أوتاد المساواة وهدم قواعد الموروث الثقافي للسلطة والاستعباد وبنت الدولة الموريتانية ترسانتها القانونية على أساس المساواة.

لقد جاء بيرام بعد أن تبنت الدولة الموريتانية سياسة تحرير لعبيد قسرا وجبرا وبالقانون ( عهد محمد خونا ولد هيدالة).

جاء بعد أن أصدرت الفتاوى قديما َوحديثا من كبار الأئمة والفقهاء والقادة والوجهاء بحرمة الاستعباد وعدم شرعية أصله في هذا القطر.

 

 

جاء ببرام بعد كل ذلك ليشبه دعوته بالدعوة الأولى للإسلام، ويدعو الله أن يعينها "بالبظان " قياسا على دعوة خير الخلق صلى الله عليه وسلم بأن يعين الإسلام بأحد العمرين.

 

فما هي أوجه الشبه بين البظان بيرام وكفار قريش؟

 

لقد اعترف بيرام بفضل البظان وسبقهم في شؤون السياسة والإدارة والعلم ( هكذا دفعة واحدة).

 

ولسبر دلالة هذا الاعتراف لابد أن نقوم بتحييد السياسة جانبا.

لنتذكر وجهة نظر بيرام في البظان طوال مسيرة الطفح السياسي.

فهل تبدل البظان أم تبدل بيرام أم تبدلت ظروف أخرى لا علاقة لها بالقضية الوطنية؟.

 

لقد تزامن موت " الشايلة" مع موسم الجفاف فلم يعد الخطاب حلوبا في الخارج ولا مصدقا في الداخل.

 

حين تساءل الموريتانيون عن دواعي استخدام بيرام لكتيبة الحرس الشخصي لم يستطع بيرام تبرير أي مخاوف تستدعي كل هذه الحيطة.

لكن صورة المناضل في موكب حماية كانت هي الأمثل لغلاف المسرحية التي كانت تجوب دور العرض.

 

لقد انتهى الاستعراض كاملا واستهلك قرابة العقدين دون أن يقدم بيرام أي دعم حتى لجوقة الكومبارسات التي مثلت معه ذات المسرحية.

 

ومع استلام نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الحكم، واصل الموريتانيون مسارهم نحو دولة العدالة و المساواة كما كانوا يفعلون.

 

لقد اعترف بيرام بكفاءة البظان وسبقهم في شؤون السياسة والإدارة.

لكن دافع الاعتراف كان تمثيلا لدور بطل آخر يعتقد بيرام أن بإمكانه تقمص شخصيته وينال مكانته في قلوب كل الموريتانيين كوطني شجاع ومشبع بالمحبة لكل الموريتانيين.

لقد حاول بيرام أن يقزم البطل الحي من خلال التنكر لمسيرته والتنمر على مواقفه وكذلك فعل مع كل مناضلي لحراطين والبظان ممن تحملوا ويلات المطالب الحقوقية وانتزعوا المكاسب التي يعتقدون أنها انتزعت من المنظومة القيمية لا من البظان كما يعتقد بيرام.

 

اليوم يعتقد بيرام بأن البظان لا زالوا يتغطرسون في غيهم وضلالهم، ويدعوا الله أن يعز بهم دعوته.

 

هل سمعتم أحدا قال آمين؟

 

لا أحد سيقولها.

فلحراطين والبظان وبقية الموريتانيين يعرفون جيدا أن قضية العبودية كانت منذو نشأتها قضية وطنية ناضل من أجلها كل الموريتانيين.

وجميعهم يدركون جيدا أن لبيرام رأي آخر في البظان وأنه يريد أن يواري سوأة دعوته تلك برداء دعائه هذا .

 

 

 

بقي أن يعلم بيرام بأنه هو السياسي الوحيد في هذه البلاد الذي يصنف الشعب الموريتاني جهارا نهارا فرق المنابر السياسية والإعلامية في احد صارخ ليس فقط للقانون وإنما لمكتسبات الموريتانيين وثمار نضالاتهم. 

 

وأن يعلم أن من انفضوا من حوله، إنما فعلوا ذلك ليقينهم بأن العزة للشعب الموريتاني الواحد ذي الوطن الواحد والمصير الواحد .

 

وأن كفار قريش آمنوا بمحمد لا بمسيلمة .