لكل شعب الحق في تحديد هويته، وتلمس جذور التاريخية وتراكماته الثقافية عبر الزمن، وقد لا تكون هذه الهوية ذات لون واحد أو مكون واحد، فهنالك الهويات المركبة التي امتزجت فيها ثقافات عديدة، وشكلتها روافدُ متعددة.
أساند حق الأمازيغ حيثما وجدوا في الإعلان عن هويتهم الثقافية والتاريخية الغنية الممتدة عبر آلاف القرون، وحقهم في المحافظة على تراثهم الثري ولغتهم الغنية، والتي أمدَّها التلاقح والتداخل مع لغاتِ وثقافاتِ أمم عديدة وأثراها.
ولقد طالبنا أكثر من مرة بضرورة الإلتفات إلى تراثنا الصنهاجي وإنقاذ لغته من براثن الاندثار ونفض الغبار عن كل هذا الموروث الصنهاجي بدراسته وتوثيقه وتثمينه تراثًا وطنيا نعتز به ونفخر، ونعمل على تقديمه أداة تواصل مع شعوبِ وأمم الجوار، وإسهامًا وطنيا في إطار الموروث الحضاري والثقافي للإنسانية جمعاء.
إلا أننا لا نرى أن من الممكن أن يشكل ذلك تعارضا مع انتمائنا العربي أو الإفريقي الضارب الجذور كذلك، ولا أن يكون بالضرورة على حسابهما، فالثراء والتنوع وتعدد روافد الثقافة المنصهرة في وحدة الدين والقيم والمثل الإنسانية لا يمكن إلا أن يكون مسألة إيجابية ومظهرا نباهي به بعيدا عن ثقافة الإنعزال والتقوقع ورفض ما راكمه أسلافنا عبر التاريخ، بالإضافة إلى أننا وحدنا كموريتانيين من يملك حق تحديد هذه الهوية الوطنية والتعبير عنها.
وهنا نقطة الخلاف مع بعض المنتصرين للمسألة الأمازيغية ودعاتها، حيث نراه خلافا بين عقل متصالح مع الواقع والتاريخ، وعقل يرفضهما معا وينفر من عديد التفاصيل العنيدة بهما.