استبن (نواكشوط) - عشية إعلان حزب الإنصاف الحاكم، عن تعيين هيئات للتحضير للانتخابات القادمة، فبعد أشهر من تكليف لجنة لإعادة تأسيس الحزب، لاحظ مراقبون غياب أي مظهر من مظاهر التجديد أو إعادة التأسيس عن الهيئات التي عينها الحزب فجر الإثنين.
فباستثناء خروج سيدي محمد ولد الطالب أعمر، ودخول محمد ماء العينين ولد أييه؛ غابت كل التعديلات أو الإجراءات التي توحي بأن الحزب كان جادا في إعطاء القرار الذي أعلن عنه قبل أشهر أي نوع من أنواع المصداقية.
إعلان الحزب عن هيئاته التحضيرية للانتخابات رأى البعض أنه سابق لأوانه، في ظل غياب أي مظهر من مظاهر إعادة التاسيس الحقيقي، حيث تم تكليف نفس الأشخاص الذين وصف المراقبون أداءهم في المرحلة الماضية بغير الموفق، وتم تكليفهم بنفس المهام تقريبا.
وبالتوقف مع الأسماء القيادية المعلن عنها يتضح ما ذهبنا إليه في الديباجة، حيث نجد أن السالكة بنت بلال ولد يمر النائب الأول لرئيس الحزب، عينت عضوا للجنة بدون مهام معلنة لأسباب قد تكون صحية، غير أن الأسباب التي عينت عليها الوزيرة السابقة جيندا بال بدون مهام كذلك، كانت أكثر وضوحا، حيث جرى حديث عن خلاف لها مع الحزب بسبب متابعة زوجها في ملفات متعلقة بقضية إفلاس مصرف موريتانيا الجديد.
ولعل ماجرى الحديث عنه من علاقات وثيقة بين السياسي البارز محمد يحيى ولد حرمة، وأحد رجال الأعمال النافذين أدت لإبعاده عن أماكن نفوذ رجل الأعمال المذكور، وتعيينه منسقا للجنة الجهوية للمناطق الشرقية.
القرار الذي لقي استهجانا من قبل المراقبين، هو اختيار الوزير يحيى ولد الوقف لمنطقة الضفة، حيث غاب أي حضور للرجل في المنطقة، سواء في حقبة "عادل" أو في حقبة الاتحاد من أجل الجمهورية، يضاف لذلك أن أصحاب هذا الرأي، يرون في الرجل مصدر خلاف بين القدامى والجدد من رجالات الحزب الحاكم.
ويبدو أن الحالة الصحية لنائب رئيس الحزب الخليل ولد الطيب، ألقت بظلالها على اختيارات اللجنة، فلم تسند أي مهمة لحامل لواء الحزب خلال أزمة المرجعية، بل اقتصر وجوده على عضوية خالية من أي توابل تعطي نكهة للطبخة الجديدة.
أما الرجل الأقل شعبية بين الصف الأول من قيادات الحزب، الأمين العام فال انكسالي، فقد شكل اختياره منسقا لمنطقة آدرار المتشعبة سياسيا، نوعا من عدم حسن الاختيار في نظر المراقبين.
هذا بعكس ماحصل مع المغضوب عليه في حقبة العشرية، والذي لعب دور الجوكر في الحقبة الغزوانية محمد ولد بيها، فقد لاقى اختياره منسقا لخلية التوجيه والتعبئة السياسية، نوعا من الارتياح، مع العلم أن المراقبين رأوا أن تعيينه على الخلية حجّم الرجل بحجم أقل من وزنه الحقيقي.
أما الرجل الذي تم فرضه خلال العشرية كأمين تنفيذي للحزب وفيدرالي بولاية كوركول، مع خفة وزنه السياسي هناك آتيي عبد الوهاب، فقد شكل تعيينه منسقا للخلية المكلفة بتنشيط هيئات الحزب نوعا من عدم الجدية في نظر المراقبين، حيث أن المهمة رغم صعوبتها أسندت لشخص يُنظر إليه أنه غير مناسب للمهمة، نظرا لضعف العزيمة وانعدام الإرادة لديه.
ويبدو أن الحزب لعب على وتر تأكيد الحكم القضائي أن لا وجه لمتابعة الوزير السابق المختار ولد اجاي، من خلال تعيينه منسقا لولايات نواكشوط، مع العلم أن نتائج معركة عرفات ضد الإسلاميين تجعله غير مخول للمنصب، كما أن تعيينه في المنطقة الأكثر ارتفاعا في نسبة الوعي بالبلاد، يطعن كثيرا في جدية ملف فساد العشرية.
وقد استطاع الوزير المختار ولد داهي، أن يسترد ملفا تم انتزاعه منه خلال نيابيات 2013، كما استطاع أن يسترد بعض نطقه، وإن كان ذلك من بوابة الحزب، وليس الحكومة.
أما الوزير ولد اشروقة، فقد استطاع أن يعض بالنواجد على نفس الملف الذي أسند إليه في رئاسيات 2019، كما أن انشغاله بالدفاع عن نفسه خلال اتهامه في ملف العشرية لم يسقط المهمة القديمة من بين نواجذه.
وباستثناء هيأتي الشباب والنساء اللتين ترجمتا إرادة تنشيط هيئات الحزب من النظري إلى الواقعي، حيث فرضتا تمثيل هيأتيهما في كافة اللجان، فإن غياب نتائج ملموسة لشعاري إعادة التأسيس وتنشيط الهيئات ألقى بظلال واضحة على التشكلية التي تم الكشف عنها فجر اليوم.
وعلى العموم فإن اللوائح التي رأت النور فجر اليوم تكشف بوضوح عن وجود صراعات داخل النظام، كما يستشف منها استبداد أحد الأجنحة بغريمه وهو الأمر الذي يتوقع أن يلقي بظلاله على ترشيحات الحزب ومن ثم ضعف الحصاد أوان الاقتراع المحلي والتشريعي.