على مدار الساعة

ولد اسويدات يكتب عن الآفاق المستقبلية للتنمية الحيوانية

08/02/2022 - 12:41

التنمية الحيوانية: التعهدات، التشخيص، الرؤية الاستشرافية، المقاربات المعتمدة والآفاق المستقبلية

 

 

 يعتبر قطاع التنمية الحيوانية قطاعا رئيسيا في الاقتصاد الوطني، كما يشكل إحدى ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد، ويلعب هذا القطاع الإنتاجي الهام دورا محوريا في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية من خلال خلق فرص العمل ومحاربة الفقر والهشاشة والتضامن الاجتماعي وخلق الثروة

وإدراكا من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لأهمية هذا القطاع الحيوي والمقدرات الهائلة التي يتوفر عليها، عبر فخامته بوضوح عن تبني عملية تطوير القطاع كخيار استراتيجي وذلك عبر جملة من الأنشطة وردت في برنامجه الانتخابي تعهداتي:

<< في مجال التنمية الحيوانية، ستنصب الجهود على صياغة استراتيجية لتحديث هذا القطاع الحيوي لاقتصادنا الوطني، بحيث يتم تطوير شعبه (الألبان واللحوم الحمراء ومشتقاتهما) وتعزيز المنافسة. وفي هذا الإطار يحرص القطاع على:

 - زيادة الغلاف المالي المخصص للتنمية الحيوانية وخاصة المتعلق بالصحة الحيوانية؛

     - الإعفاء من الرسوم والحقوق الجمركية لكل منشأة حديثة للذبح أو انتاج الألبان؛

 - تشجيع تنويع وتحسين السلالات من أجل زيادة الإنتاج. >> (تعهداتي، 2019).

 

بدى هذا الخيار أكثر وضوحا في خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة معرض الثروة الحيوانية بتمبدغه في الحادي والثلاثين من مارس 2021، والذي كان النقطة الفعلية لإعلان رؤية حقيقية وشاملة للنهوض بالقطاع والعمل على تطويره والاستغلال الأمثل لمقدراته، فكان التشخيص دقيقا حين قال فخامته يومها:

 

<< تمثل الثروة الحيوانية بحكم إسهامها الملحوظ في الناتج الوطني ودورها المحوري في توفير الأمن الغذائي وخلق مزيد من فرص العمل ركيزة أساسية في منظومتنا الاقتصادية والاجتماعية ومحورا مركزيا في استراتيجيتنا العامة لمحاربة الفقر خاصة في الوسط الريفي، غير أن استفادتنا من ثروتنا الحيوانية لا تزال محدودة على الرغم مما تتيحه هذه الثروة من إمكانات استغلال متنوعة، ومرد ذلك في الأساس أن وسائل إنتاجنا وتنميتنا لهذه الثروة لم تتطور كثيرا ولا تزال إلى حد كبير معتمدة على الانتجاع والترحال ومرهونة في مردودها الإجمالي بمعدلات هطول الأمطار. >> (خطاب تمبدغه،31 مارس 2021).

 

وبدت معالم تلك الرؤية واضحة للعيان حين قال فخامته:

 

<< وإدراكا منا لهذا الوضع ولما يتهدد هذه الثروة من مخاطر بفعل التغيرات المناخية وتراجع الغطاء النباتي وغير ذلك من التحديات   البيئية الجسيمة، وجهنا القطاعات المعنية بتركيز الجهود على تحديث نمط التنمية وتطوير وتكثيف إنتاج الألبان واللحوم ومختلف المشتقات الحيوانية وعلى ترقية زراعة الأعلاف وتحسين صحة الحيوانات. >> (خطاب تمبدغه، 31 مارس 2021).

 

ثم جاءت القرارات تنفيذا للتعهدات وتأسيسا وتوجيها للخطط العملية الميدانية للقطاع، حين تابع فخامته قائلا:

 

<< وتنفيذا لما تعهدنا به في إطار دعم وتطوير التنمية الحيوانية، فقد قررنا:

 

أولا: إنشاء صندوق لترقية التنمية الحيوانية براس مالي يقدر        بثمانية مليارات أوقية قديمة.

 

ثانيا: إنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري يعهد إليها من بين أمور أخرى في إطار شراكات متنوعة مفتوحة بإنشاء مزارع لتربية المواشي وتشييد مسالخ عصرية وبناء مصانع لاستغلال المشتقات الحيوانية.

 

ثالثا: إنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع إداري يعهد إليها بالعمل على تحسين السلالات وتسيير المسارات الرعوية والبنى التحتية المائية الرعوية   وإعداد مختلف الدراسات وتأطير المنظمات المهنية الناشطة في القطاع. >> (خطاب تمبدغه، 31 مارس 2021).

 

وقد بادر قطاع التنمية الحيوانية باعتماد إصلاحات طموحة من شأنها أن تساهم في إبراز القطاع كقطاع إنتاجي تنافسي جاذب للاستثمارات وقادر على مواكبة التحديات مهما كانت طبيعتها بما يضمن الاستدامة والسيادة في مجال الأمن الغذائي ويجسد    بشكل فعال الرؤية الطموحة لفخامة رئيس الجمهورية في هذا المجال.

 

وتطبيقا لقرارات فخامة رئيس الجمهورية بتمبدغه كانت البداية بالعمل على:

 

إنشاء صندوق لترقية التنمية الحيوانية ومؤسستين اثنتين، هما الموريتانية للمنتجات الحيوانية (MPE) والمكتب الوطني للبحوث وتنمية الثروة الحيوانية والنظام الرعوي (ONARDEP).

 

وفي السياق ذاته وسبيلا إلى تجسيد الرؤية الطموحة لفخامة رئيس الجمهورية للقطاع، تم اعتماد جملة من المقاربات تمحورت بالأساس حول ما يلي: 

 

مراجعة الإطار القانوني والمؤسسي سبيلا إلى تفعيل الترسانة القانونية للقطاع بما يتماشى مع متطلبات المرحلة حيث ستتم مراجعة القانون التوجيهي الرعوي والمدونة الرعوية ومدونة التنمية الحيوانية واستصدار المراسيم والمقررات التطبيقية الخاصة بتلك القوانين بما يضمن تأطير مختلف أنشطة القطاع
العمل على إعداد استراتيجية وطنية للقطاع تأخذ بالحسبان التوجهات الكبرى في مجال الصحة الحيوانية والتحسين الوراثي والإنتاج الحيواني. 

العمل على خلق الظروف الملائمة لتطوير الثروة الحيوانية عبر إطلاق مبادرة طموحة تهدف بالأساس إلى تثمين المقدرات الزراعية والرعوية الطبيعية في جميع أنحاء الشريط الشمالي من البلاد (المشروع الوطني لتثمين المقدرات الرعوية الطبيعية (آوكآر)) وذلك من خلال إنشاء أقطاب تنموية لتخفيف الحركة الحيوانية على المناطق الجنوبية الشرقية من البلاد. 

العمل على إدخال تقنيات جديدة وناجعة في نظام تربية المجترات الصغيرة ومواكبة المنمين في تطوير طرق أفضل للإنتاج وذلك عن طريق تشييد العديد من المراكز الفنية الموزعة على امتداد التراب الوطني تعني بتقديم حلول مبسطة لزيادة الإنتاجية وتثمين المنتجات وأخرى للتيسير المندمج عن قرب تهدف إلى مساعدة صغار المنمين على مواكبة التحديات الخاصة بالتربية وزيادة المردودية. 

العمل على اكتتاب خبرة فنية لإعداد تشخيص دقيق للمصادر البشرية للقطاع سبيلًا إلى وضع خطة ديناميكية لدعم قدرات العمال والموظفين في القطاع.

 

ووعيا منا بأن التنمية الحيوانية هي إشكالية متعددة الأبعاد، حيث يضم هذا القطاع العديد من الفاعلين المؤسسين والخصوصيين والجمعيات والمنظمات المجتمعية، بادرت الحكومة إلي إنشاء إطار وطني للتشاور والشراكة من أجل تطوير التنمية الحيوانية، تتمثل مهمته الرئيسية فضلا عن كونه إطارا فاعلا، دائما و شاملا للحوار بين مختلف الفاعلين في إبداء الآراء التي من شأنها أن تساهم في إثراء وتوجيه السياسات العمومية للقطاع بما يضمن الترشيد  الأمثل للموارد وتكامل الجهود اللذين يعملان في حد كبير على ضمان جودة الحوار والتشاور والتنسيق بين مختلف الأطراف.

 

وفي نفس السياق تم توقيع اتفاقية شراكة بين قطاعنا، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية ومنظمة الأغذية والزراعة تتعلق بدعم قدرات الإدارة والفاعلين المهنيين في القطاع.

 

فيما يخص الافاق المستقبلية، سيعمل القطاع في إطار السياسة العامة لحكومة معالي الوزير الأول السيد محمد بلال مسعود، من بين أمور أخرى، في الأمد القصير (2022-2023) على،

إعداد استراتيجية وطنية للقطاع 
إطلاق المشروع الوطني لتثمين المقدرات الزراعية والرعوية الطبيعية 
تفعيل الإطار الوطني للتشاور والشراكة من أجل تطوير قطاع التنمية الحيوانية 
بدء أنشطة مشروع دعم قدرات الفاعلين في مجال التنمية الحيوانية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) ومنظمة الأغذية والزراعية (FAO)
بدء أنشطة مشروع تطوير تربية المجترات الصغيرة 
متابعة تنفيذ المرحلة الثانية للمشروع الجهوي لدعم النظام الرعوي في الساحل (PRAPS II) 
متابعة تنفيذ المشروع الجهوي لدعم نظم مراقبة الأوبية في غرب إفريقيا (REDISSE III)
إجراء إحصاء عام للثروة الحيوانية بالتعاون مع الوكالة الوطنية للإحصاء والتحليل الديموغرافي والاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعية (FAO)
تفعيل صندوق ترقية التنمية الحيوانية بما يضمن ولوج المستفيدين إلى خدماته في القريب العاجل 
إنشاء مركز لتسمين الماشية بولاية لبراكنه بطاقة استيعابية تناهز العشرين ألف رأس من المجترات الصغيرة وثلاثة آلاف رأس من المجترات الكبيرة
تنفيذ مشروع مركب: مسالخ عصرية للمجترات الكبيرة والصغيرة في نواكشوط في إطار شراكات متنوعة ومفتوحة
 تطوير برنامج زراعة الأعلاف عبر إنشاء وحدة متكاملة لزراعة الأعلاف المائية في إطار شراكات متنوعة ومفتوحة؛
مشروع إنشاء وحدة صناعية لدباغة الجلود ومشتقات الذبح في إطار شراكات متنوعة ومفتوحة؛
مشروع مجمع لتربية أمهات الدواجن في إطار شراكات متنوعة ومفتوحة.

مشروع إنشاء 80 محطة رعوية على عموم التراب الوطني 
العمل على إعادة هيكلة الشركة الموريتانية لمنتجات الألبان في النعمة
تشييد خمسة مزارع عصرية مندمجة في الحوضين والعصابة وكوركول وكيدي ماغا
إنشاء ثلاثة مزارع لإنتاج الحليب في الحوضين 
إنشاء 11 مركزا لجمع الألبان على مستوى 7 ولايات 
تشييد ثلاثة مراكز لتجميع الجلود الخام
إعداد خطة عمل متعددة الأبعاد لتصحيح بعض الاختلالات التي تعيق سير شركة مسالخ نواكشوط
بناء ثلاث مسالخ عصرية في كوركول ولعصابه ولبراكنة
بناء ستة أسواق للماشية
تشييد ثلاثة مركبات لتربية الدواجن في انواذيبو وكيفه وكيهيدي.

 

وعلى ضوء ما سبق، ستنصب جهودنا خلال الأسابيع القادمة على تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع وتشييد البنى التحتية المذكورة آنفا في ظل التركيز التام على تطوير وتحسين الصحة الحيوانية بما يضمن تنمية مختلف الشعب (الألبان، اللحوم الحمراء، الدواجن) ويساهم في تحسين تسويق المنتجات الحيوانية والرقابة على الجودة والسلامة الصحية.

 

أما على المدى المتوسط والبعيد، فإننا سنواصل العمل إن شاء الله من أجل خلق ديناميكية كبرى في القطاع سيكون لها الأثر الإيجابي بحول الله وعونه في تجسيد الرؤية الطموحة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في هذا المجال والهادفة بالأساس الى تطوير وسائل الإنتاج وتثمين الثروة سبيلا الى تحقيق التنمية الشاملة، وستساهم لامحالة في ظهور قطاع للتنمية الحيوانية مندمج تمامًا في الاقتصاد الوطني من خلال نمطي إنتاج متكاملين أولهما نظام انتجاع مرن ومربح والآخر مكثف وعصري وتنافسي، نظامين مستدامين بفضل الاعتماد على سلالات حيوانية متأقلمة مع الظروف المناخية ونظام صحي متكامل. 

 

 
إن تسارع وتيرة التحول المنشود على المدى المتوسط والبعيد ستعززه بدون شك المشاركة الفعالة والمسؤولة لجميع الفاعلين في القطاع وكذا الاستخدام المعقلن لأحدث تقنيات الإنتاج والتصنيع والعمل الدائم والدؤوب على تطوير شراكات مفتوحة ومتنوعة مع القطاع الخاص.

 

وزير التنمية الحيوانية
 محمد ولد اسويدات