ما بدأ للوهلة الأولى وكأنه وقفة أمام سفارة موريتانيا بواشنطن دعا إليها ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل رفض ارتفاع الأسعار وسجن الناشطين والتنديد بقوانين النظام، ظهر في الأخير على أنه وقفة من مسار طويل كان قد بدأ منذ مدة تقوده مجموعة معينة للحفاظ على حلم البقاء في أمريكا.
بينما كان المدون سيدي كماش يصيح في مكبر الصوت ويتحدث عن وزراء الحكومة، كانت هولي تيام ورفاقها يمسحون عرق وقفة أخرى، نظموها قبل ذلك بقليل أمام سفارة قطر، طالبوا خلال الوقفة من دولة قطر أن تسلم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع إلى بروكسل، ويتهمونه بالإشراف على قتل واغتصاب وتعذيب السود في موريتانيا خلال فترة الثمانينات والتسعينات.
وفي اللحظة التي كان هؤلاء ينظمون الوقفة الثانية أمام سفارة موريتانيا،التي روج سيدي كماش على أنها وقفة مع المواطنين ضد ارتفاع الأسعار، وخططت هولي تيام وبكاري تانديا على أن تكون وقفة للتنديد بنظام الفصل العنصري ضد السود في موريتانيا، كان أمريكيون متعاطفون مع "الشبكة الموريتانية من أجل حقوق الإنسان" يغردون على تويتر حول القيادية هولي وطالبوا بضرورة بتفعيل الحماية المؤقتة للسود الموريتانيين في الولايات المتحدة الأمريكية.
لماذا المطالبة بالحماية ؟
عندما جاءت إدارة جو بايدن إلى الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وجدت أمامها سياسة ترمب التي من بينها ترحيل المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، وبالفعل رحل العديدين من بينهم موريتانيين.
في فبراير 2021 نشرت أكثر من 160 منظمة غير حكومية بيانا صحفيا موجها لإدارة بايدن من بين تلك المنظمات الشبكة الموريتانية من أجل حقوق الإنسان، والتي ترأسها هولي تيام وليس من ضمن مكتبها التنفيذي أي شخص من الشرائح الناطقة بالحسانية، وقد طالبت هذه الجمعية من إدارة بايدن تفعيل TPS من أجل عدد من الدول ضمنها موريتانيا.
ما هو TPS ؟
هو TPS temporary protected status ويعني حماية قانونية مؤقتة وقد أنشأها الكونغرس ونفذتها وزارة الأمن الداخلي بالتشاور مع وزارة الخارجية، ويمكن تخصيص هذه الحماية لمواطني بلد معين إذا تم ترحيلهم من أمريكا سيواجهون الخطر.
في الطلب الذي وقعته المنظمات، ذكرت الشبكة الموريتانية لحقوق الإنسان التي ترأسها هولي تيام، أن 680 ألف من الموريتانيين يعانون العبودية، وأضافت أن السود الذي ترحلهم أمريكا إلى موريتانيا إنما تعيدهم إلى العبودية والتعذيب والسجن بدون تهم.
وفي سبتمر 2021 جدد عضو الكونغرس نائب رئيس اللجنة الفرعية للهجرة والمواطنة دعوته السابقة لإنشاء وضع الحماية المؤقتة لإثيوبيا وموريتانيا، وكان قد قاد سابقا رسالة مع عضو الكونغرس إلهان عمر في سبتمبر رسالة تطالب بنفس الأمر، لثلاث دول وهي موريتانيا والكاميرون واثيوبيا، وفي ابريل 2022 أعلنت وزارة الأمن الداخلي عن تعيين TPS للكاميرون لمدة 18 شهرا.
ومن أجل الضغط لتنفيذ هذه المطالب، رفع المتظاهرون اليوم لافتات تحمل TPS FOR MAURITANIA وتحدثوا عما وصفوه معاناة السود في موريتانيا وعن العبودية.
السياق:
تنظيم هاتين الوقفتين يأتي على خلفية الإعلان عن سفر للمستشار في الخارجية الأمريكية Derek Chollet سيزور خلال هذا السفر، السنغال وموريتانيا وفرنسا، وقد تقرر أن يلتقي مسؤولين في الحكومة والشباب النشطين في المجتمع المدني، ويتحدث معهم حول الديمقراطية والتنمية والأمن في الساحل.
وقررت الشبكة الموريتانية لحقوق الإنسان التظاهر في هذا الوقت، من أجل رفع سقف المطالب، والتذكير بها، على ضوء سفر المستشار، لكي لا يتأثر بما سيسمعه من آخرين في بلدهم الأم.
ولم يتم حتى الآن إقرار الحماية المؤقتة للمهاجرين الموريتانيين في أمريكا، رغم الطلبات التي وجهت لإدارة بايدن بهذا الخصوص.
وقد أطلقت الشبكة في الشهر السادس من هذا العام، حملة على موقعها الأكلتروني من أجل جمع رسائل موجهة للحكومة الأمريكية، بهدف توقيف الاتفاقيات التجارية مع موريتانيا، حتى تتوقف عن قتل واستعباد واغتصاب أراضي السود حسب وصفهم.
وكانت رئيسة الشبكة الموريتانية لحقوق الإنسان قد أجرت عدة مقابلات مع مواقع أمريكية، تحدثت خلالها عن ما يمكن أن يواجهه السود في موريتانيا إذا ما تم ترحيلهم من أمريكا، ووصفت الأمر بأنه إعادة إلى العبودية.
تلكم هي خلفيات تنظيم وقفتين اليوم في واشنطن أمام سفارتي قطر وموريتانيا، وتلكم هي المطالب والأهداف، أما الشعارات الأخرى التي تتعلق بالأسعار وغيرها فلم تكن في الحسبان، أما صديقنا الناشط على الفيس بوك، فقد كان يغني على ليلاه بعيدا عما يحصل في الواقع، فالمهم هو التفاعل على الصفحة وانتشارها.
نشر تحالف أوهايو من أجل الهجرة خبرا عن الوقفتين وقال:
قياديون سود من موريتانيا يتظاهرون أمام سفارتي قطر وموريتانيا ضد الفصل العنصري ومن أجل نظام الحماية المؤقتة، في ظل زيارة المستشار في الخارجية لموريتانيا، مضيفا أن الوقفة ينظمها سود فروا من الإبادة الجماعية.