استبن (نواكشوط) - وجه مواطنون بمقاطعة بومديد في ولاية لعصابة دعوة إلى وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين بضرورة الاعتراف بأحقيتهم الشرعية والقانونية في أرض اتفيتنات، وذلك ردا على تصريحات سابقة له في البرلمان.
النزاع في أرض اتفيتنات يعود إلى أسابيع، ويتهم بعض سكان المنطقة الوزير ولد محمد الأمين بأنه استغل نفوذه لدعم أحد أطراف النزاع تربطه به قرابة نسب.
وتضمنت رسالة موجهة للوزير وقعها باسم المجموعة سيدي محمد ولد متار، تطرق فيها لما وصفها بأنها «جميع الأدلة والبراهين (من آثار وآبار، ومساكن)».
ونبهت الرسالة إلى أن الوزير الذي تحدث في القضية أمام البرلمان غابت عنه بعض المعلومات المتعلقة بها.
نص الرسالة:
صرخة سكان اتفيتنات: الإنصاف يافخامة الرئيس
بسم الله والحمد لله
رسالة مفتوحة من اهل اتفيتنات الى معالى وزير الداخلية ومن خلاله إلى الرأي العالم الوطنى
معالي وزير الداخلية واللامركزيه:
تابعنا بإهتمام كبير ردود معاليكم فى لقائكم الاخير مع نواب الجمعية الوطنية حول موضوع ( اتفيتنات ) : ومن أجل إنارة الرأي العام حول هذه القضية من جهة وإطلاع معالي الوزير علي معلومات غابت عنه من جهة أخرى نقدم لكم هذا التقرير الذي يحتوي على الأدلة الشرعية والقانونية للحيازة مشفوعا ب صور مادية ملموسة
وذالك من خلال الملاحظات الفقهية و القانونية التالية :
أولا : الجانب الشرعي
- فعلا علاقة الانسان بالعقار علاقة معقدة ولكنها علاقة حدد الشارع معالمها و حدودها وكيفيتها.
- يتعرض الفقهاء في مجال حديثهم عن أحكام الأرض الفقهية، لكيفيات الاستثمار والإعمار التي يقبلها الشرع ويخصها بتنظيم واضح.
- حدد الشارع مجموعة من الامور تعد حيازة و من هذه الامور الآبار التي تعد حيازة شرعية يتم بها الملك وقد كان للشناقطة الدور البارز في هذا المجال ولا أدل على ذالك من كثرة تآليفهم في الموضوع ومنها مثلا كتاب إخبار الأحبار بأخبار الآبار لامحمد ولد احمد يورة الديماني الابهمي وكتاب معين الناظرين في أحكام الارضين للفقيه محمد ولد حمينه اليدالي ورسالة في أحكام الأرضين للفقيه محمد سالم ولد المختار ولد ألما اليدالي ورسالة في حريم الآبار للفقيه محمد عبد الله ولد عبد الرحمان ولد البشير المالكي .
- ومن أدب النزاعات العقارية القديمة نزاع على أراضي وادي بحيرة اركيز بين احدى القبائل وادوعلي فتداعى الخصمان إلى القاضي محمذن بن محمد فال فحكم بصريح اللفظ أنها ملك لأحدهم استدلالا بدلائل فقهية متعددة منها " السكني الدائمـة ومنهـا الـتـعـارف المتواتر" وقبل ذالك أنشد أحدهم قصيدة منها :
فإن هذا البـحـر بـحـر لنـا :: قد اشتريناه زمانـا مضى
ثم ادعـى قبائـل مـلـكـه :: لما رأوا ديـــــــن الإله انقضى
فاردعهم خشـيـة أن يـدعـى :: غيضة أسد الغاب أسد الغضا واقـض بمـا كنـت بـه قـاضـيـا :: فما لهم إلا الرضى بالقضاء
- وبما أن الملكية العقارية تفرض وجود مجالات محجوزة ومعرفة وتقوم على تدقيق صارم في المساحة والكم؛ فإنها تتنافى بالإطلاق مع أسلوب الحياة البدوية الذي لا يعرف أصحـابـه الاسـتـقـرار ، والذي يـجـعـل تـتـبـع أماكن الماء والمرعى، ضـرورة حـيـويـة لا مناص منها، وعلى هذا الأساس تكون حدود الملكيات الأرضية الجماعيـة غـيـر ثابتـة القـدر في أغلبها ومائعة المعالم والتفاصيل في الأذهان والعيان. ولهذا السبب تطالعنا في وثائق العـقـارات اخـتـصـاصات أو دعـاوی مـلكـيـات كـثـيـرة يذكـر فيها الموثقون حدودا لأراضيهم جد مبهمة وغامضة. فنراهم يكتبون تارة "أن أرض أهل فلان، تنتهي من الجـهـة كـذا حيث تنتهي المنفـعـة"، وتارة أخـرى "أن بني فـلان لهم الإنتـفـاع بـالمكان الفلاني شرقا " ويبدو أن القصد من هذا التقدير العشوائي يعني في دلالته الاقتصادية أن الحفاظ على ملك أرضي منتج يقتضي نقل حدوده من مستوى الكم والمقدار إلى مستوى الغاية والمقصد.
ومعروف أن هذا التحديد له مبرره الواضح في أرض البداة السائبة التي تظل مشروطة بتقلبات المناخ والبيئة القاسيين وبالرغم من هذا التعارض الواضح بين مفهوم الاختصاص ولا حدية المجال، فقد استمر عمل الفقهاء الموريتانيين طيلة القرون الماضية، على اعـتـبـار صـحـة تملك الأرض بالإحـيـاء والحمى والتعارف والإضافة، وهي طرق في الاختصاص تتأتى كلها بواسطة أسباب متعددة ومتباينة في حجيتها الشرعية والعرفية وقيمتها التوثيقية، وإن كانت تعتبر عندهم كلها من قرائن الأحوال التي يقضى بها في الشرع فكثيرا ما تبسط قبيلة سلطانها على منطقة معينة لأن بها آبارا قديمة حفروها ، أو عندها مدافن أسلافهم وأهليهم، أو كانت محط نجعتهم مصيفا أو شتاء، أو بمواضعها ومرابعها تغنى شعراؤهم (وهذه كلها من قرائن الأحوال التي يقضي بها في الشرع إذ القرينة القوية تقـوم مقام البينة ) أو هي حريم لقراهم و أحياءهم أو سكنوها في قديم الأزمان .