قيمة إمارة أولاد امبارك ليست في تاريخها العسكري، وصراعات أمرائها فحسب..
قيمة أولاد امبارك تكمن في إرثها الثقافي :
- الشعر
- الموسيقى
- المرويات
ففي الشعر : لا يمكن لأي باحث في مجال الأدب أن يطلق مصطلح ( الملحمة) على جنس أدبي موريتاني غير ( اتهيدين) الذي عرف ميلاده الحقيقي في مضارب هذه الامارة..
وفي الموسيقى: يكفي أن نعرف أن أغلب مقامات الموسيقى الموريتانية، وأشوارها ليست سوى حكايات ليوميات أمراء هذه المملكة، وتجسيدا لقيّمهم : الشجاعة والكرم والشهامة…
بل أكثر من ذلك جعل العازفون من ضبح الخيل وقدحها، ومشية الأمراء، وصوت أحزمة الفرسان وهي تمط سيقانهم معزوفات وألحانا باقية بقاء الزمن..
نسجوا من حياة الإمارة وأهلها قصصا ومرويات جمعت بين الموعظة والامتاع والمؤانسة..
تاريخ هذه الامارة امتزجت فيه الحقيقة بالخيال..
الأسطورة بالواقع، وهذا سر عظمتها… فما قيمة حضارة إذا لم تكن ميدانا لازدهار الأخيلة والعبقريات..
مثلما ولدت طروادة والأديسة من رحم الالياذة اليونانية، وجلجامش بين حدائق بابل، وولدت الرمايانا في مسارح روما القديمة، وانبثقت الشاهنامة من مدائن فارس… كانت امارة أولاد امبارك حاضنة لعبقريات حكائية أنتجت (انوفل، المزوزة، موس اسبع ..) وغيرها من الغرائبيات التي تحولت على يد مثقفي الامارة الى سمفونيات خالدة خلود السمفونية التاسعة لبتهوفن…
نعم .. هذه الامارة خدمت الثقافة أكثر من خدمتها لتاريخ الحروب والصراعات..
مزايا هذه الامارة هي التي جعلت الرحالة الانجليزي مانكو بارك الذي زار حلة اهل بهدل عام 1796 يقف منبهرا أمام هيبة الأمير اعلِ بن أعمر بن هنونْ بن بهْدل ( بوسروال)… ويجعل عنوان الفصل الخاص بها من رحلته : ( مملكة ولد اعمر)…
إمارة أولاد أمبارك ما زالت شامخة في تاريخنا المروي وثقافتنا الأدبية، وما زالت رمزا لكل المفاخر والقيم ..
ملاحظة ( الصورة المرفقة رسمها أحد الفنانين الاوربيين، وتذكر بعض المصادر أنه استوحاها من رحلة بارك، ويظهر فيها باللحية البيضاء الأمير اعلِ)..