فجأة وبدون مؤاربة، زعم محامي المسيئ أنه ماعاد هناك من يتساءل عن حقيقة ملف "فساد العشرية" وهو تهافتٌ يؤكد فرضية "الخَرف" التي رمى بها بعض "الرفاق" تجاه ناحية مّا، في لحظة تهافت كوني؛ قبل فيها "رفيقٌ" الدفاع عن مشتبه به يناقض الدفاع عنه جميع المبادئ؛ التي أسس عليها الرفاق إيديولوجيتهم، فضرب عرض الحائط بالماضي ومزق الحاضر، وحرق المستقبل..!
فجأة "أُنسي" محامي المسيئ؛ بعد أن أشفعها بالدفاع عن "المفسد"، أن الجميع أخذو صورة لاتقبل الشك عن حقيقة الملف "الأشهر" في تاريخ البلاد، وأن السؤال عن المعلوم مذموم، وأن من لم يرى قرص الشمس "أعمى"..!
فجأة أعلن محامي المسيئ أنه كان يعيش في "كذبة كبيرة" قرابة السنتين، وأن عشرات المؤتمرات الصحفية وعشرات البيانات التي جعلت البعض يطلق عليه "محامي البيانات" كانت مجرد أعراض لوعكة العيش في كذبة كبيرة؛ أعوذ بك رباه (أن أُردّ إلى أرذل العمر).
بعد مرور الخمسية الأولى من حكم الرئيس"السابق" بدأت الأصوات تتعالى من الخارج قبل الداخل، أن مايحصل في بلادنا هو تأسيس لوكر فساد وغسيل أموال ينافس "مملكة اسواتيني" ويمد "الجسور" نحوها في وقت كانت قضية "المرجعية" فيه علم غيبي يُعدّ الخوض في كنهه ضرب من "الإلحاد".
ولعل محامي "المسيئَين" وُفّق في التعبير -عن غير وعي- حين سطر أن (البعرة تدل على الباعر، والآثار تدل على السائر) حيث رد على نفسه في جملة تحدي الرئيس لسابق للجهات المسؤولة، لإثبات مصدر ثروته! متناسيا السؤال الأشهر حول الحالات المشابهة "من أين لك هذا..؟" ومتجاهلا منع الرئيس بنص القانون من ممارسة أي عمل تجاري..!
حمل محامي "المسيئَين" طمبوره لولي النعمة الجديد؛ وقد فعلها لغيره من قبل، فاستطرد مواقف مرت خلال عشريته تحمل الوجهين، فأنهكت إعلاميا لدرجة ما عادت معها تحمل ولا تبيض، لكنه نسي أن الملف شمل مع "قرينه" - وهو المتهم الرئيسي- أسماء عدد من المسؤولين؛ وأن جميعهم تفرغوا للدفاع "القانوني" عن أنفسهم، أما "قرينه" فقد دفع نحو تسييس الملف فاشترى "الأحزاب" ودفع "الرشاوى" ومول "المنصات" وأسس شبكات "الذباب" فمن الذي يحاول تسييس الملف إذاً..؟!
أما محاسبة المفسدين القدامى؛ فمن كان الأولى بمحاسبتهم..؟ أهو الحكم الحالي أم السابق..؟ وإذا كان حريصا كل الحرص على المحاسبة لهذه الدرجة فلم ينأى بنفسه عن المحاسبة، ولم لم يحاسب من سبقوه، أيام حكمه، ألا يحق لنا أن نقول (الصيف ضيعت اللبن)..؟!!
أستطرد محامي "المسيئَين" ثلاثية يوضح من خلالها تسييس الملف، الذي ينشد و"قرينه" تسيسه بالفعل؛ موضحا أنه جاء للانقلاب على "النهج" وكأننا نتحدث عن نهج عمري، كان المحامي نفسه أول منتقديه، في فترة ماقبل تطبيعه مع الفساد، وللإستشهاد أحيله لبعض أرشيفه على "جوجل" إبّان خمسية "قرينه" الأولى، إن كان "يذكر".
أما نقطته الثانية فتحدث فيها عن "تلطيخ" الملطّخ أصلا، وكأنه يتحدث عن معن بن زائدة الشيباني، فأي تهافت هذا الذي يحاول محامي المسيئين تسويقه..؟!
أما النقطة الثالثة فتحدث فيها عن "إلهاء" الشعب بفساد وهمي، وكأنه استقى المعلومة من شعار "محابة الفساد" خلال عشرية الفساد، وأُنسي "الشايب" أن أصابع يده ليست سواسية؛ وأن مؤشر الشفافية في عهد الإنصاف؛ ليس كعهده أيام حكم "قرينه"؛ وأن الرقابة أصبحت صارمة لدرجة ماعاد معها التلاعب ممكنا.
حكم "رجل القضاء الواقف" النَّسَّاء لصالح "قرينه"، قبل بت القضاء الجالس في الملف، فقال بالحرف "إنه ملفق" وأوردها في ثلاثيته الثانية، التي يبدو أنه يعوض بها نقص المأمورية الثالثة ل "قرينه".
ونسي محامي "المسيئَين" أن قرينه كان أول من أسس شبكات الذباب الإلكتروني حين "أدركه الغرق" وأصبح يتعلق بكل قشة في طريقه، فيما "أُنسي" حقيقة قانونية لجنة التحقيق البرلمانية، وحاول التدليس في محاججته ضدها، لكنه جانبَ جادة الإقناع حينها، أما ثالثة الأثافي فكانت نسيانه للمؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه تسلم نسخة من ملف اتهام "قرينه"؛ ولعل أضعف ضلع في الثلاثية إقناعا، هو محاولة حرمان العون القضائي "شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية" من مسؤولية يخولها له القانون..!
أَورد محامي المسيئَين في محاججته طرة من "كلام العرائض" التي يضحك بها أهل التخصص على عقول المتلقي؛ دون أن يوضح منطوق أي مادة أو يورد أي تفسير لها - مع العلم أن التفاسير تتعدد غالبا- ولن أناقشه في ذلك، لكنني أعلم علم اليقين أنه إذا كان محام واحد يقول هذا الكلام، فإن هناك لفيفا من 60 محام يقول عكس ذلك، وأن الجماعة لاتنتقل إلى الواحد؛ أضف إلى ذلك أن محامي "المسيئين" وفي نفس المقال، شهد ل"قائد" اللفيف المذكور بالفضل؛ وأن الفضل قيمة كلية لا تتجزء؛ وأن قبول أهل الفضل لقضية يعد إجازة لتبنيها لأن أهل الفضل في مقام القدوة.
حاول محامي "المسيئَين" أن يطعن في إجراءات المجلس الأعلى للقضاء قدر طاقته؛ وهو شطط غير منطقي؛ فلو سلمنا جدلا بصحة كلامه فأين البديل..؟ ثم إنني أتذكر أن معظم من يباشرون ملف "قرينه"، تم تعيينهم في نفس الكراسي في عهد حكم "القرين"، فهم مبرزون إذا من قبله؛ وإن حصل أي تجاوز فعلى نفسها جنت براقش، ومن أعمالكم سلط عليكم.
إن معارك الاتهام والدفاع مكانها المحاكم؛ وإن التلاعب بالألفاظ والكلمات شأن إعلامي، وإن من يعص أطراف الزِّجاج فإنه يطيع العوالي؛ وإن من يشكو عدم إنصات المتلقي فعليه أن يلوم بَحَّته، وإن من دخل مداخل السوء اتهم.
وإذا كان الغراب دليل قوم... مر بهم على جيف الكلاب.