على مدار الساعة

كيف نؤسس لتعزيز التلاحم الاجتماعي رغم الاختلافات؟ / عبد الودود سيد الهادي

10/15/2021 - 08:49

تقول الباحثة الأمريكية الجنوبية   دورا هيريرا: "الاحترام قيمة، فضيلة. ولمعرفة ما يمثله، يجب أن أبدأ بنفسي، يجب أن أمتلك القدرة على احترام الآخرين. وهذا ليس مجرد رأي، بل شعور. فبمجرد أن أفهم هذا، أبدأ في معرفة أنه يجب أن أستمع إلى نفسي أولا وأن أتأنى. وهكذا أجدني أتحكم في نفسي، أعرف حدودي، أفترض موقفًا من الاحترام، أفرضه على الآخرين وأقدر من حولي. "

في بلادنا – كما في العديد من بلدان هذا العالم – أثنيات مختلفة بألوان وعادات ولغات ومذاهب شتى وهذه الاختلافات في المعتقدات والعادات والقيم والسلوكيات واللغات هي في حد ذاتها حتمية تفرضها الحياة. هذه الحتمية تفرض علينا كذلك حتمية أخرى، ألا وهي احترام هذا الاختلاف والإقرار به، وما الحروب والصراعات الأيديولوجية والمواجهات إلا نتيجة لعدم احترام الآخرين، وعدم تقبل الاختلاف معهم.  

ولوضع أساسات سليمة وقوية ينبني عليها تلاحم اجتماعي حقيقي يذيب الفوارق والاختلافات ويؤسس لمجتمع راقي،

علينا إذا كراشدين أن نعتمد طريقة تجعل النشأ يغيرون الديناميكيات الاجتماعية. والبدأ بعملية تعليم الأطفال كيفية احترام الاختلافات كل الاختلافات وفي سن مبكرة.  كيف ذلك؟

ستفيد الأطفال قدرتهم على احترام الآخرين طوال حياتهم. فتقدير التنوع سيساعدهم على الرقي كأشخاص، والحصول على أفكار جديدة وتقوية ذكائهم وعلاقاتهم الاجتماعية.

ولذلك:

على الكبار البدأ باحترام الآخرين أمام الأطفال والاحتفاء بالاختلافات في كل المواقف، قبل فرض ذلك على الأطفال أو تدريبهم عليه - فالأطفال يقلدون الآباء وهم مثالهم الأعلى في باكورة أعمارهم - لذلك على الكبار تجنب النكات التمييزية، أو اختلاق الصور النمطية التي تؤثر على تصور الأطفال مثلا.

إذا كنا نريد أن يطور الأطفال قدرتهم على احترام الاختلافات، فعلينا التركيز على تنمية احترامهم لذواتهم أولاً. فالأشخاص الواثقين من أنفسهم بشكل عام، أكثر قدرة على احتضان الآخرين رغم اختلافهم، والطفل الذي يتمتع بتقدير كبير لذاته سيجعله ذلك قادرا على أن يكون واثقًا في اختياراته والدفاع عن معتقداته دونما رفض لقيم الآخرين.

وبما أنه من الشائع أن يبحث الناس عن علاقات مع أفراد يشاركونهم معتقداتهم وثقافتهم، فإن الحل لتقبل وجهات النظر المختلفة والترحيب بأشخاص مختلفون تمامًا يكمن في مخالطتهم والعيش معهم. اسمحوا للأطفال بالخروج من المنزل والسعي لمعرفة واستكشاف العالم من زاوية أخرى.

وفي الغالب، يريد الأطفال منا أن تشرح لهم سلوكيات ورؤى غير معتادة عليهم إلى حد ما. إذا حدث هذا، فنحن بحاجة إلى أن نكون مستعدًين للتعامل مع الموقف بشكل صحيح. فنضع في الاعتبار الجوانب التالية:

التركيز على الإيجابيات: فأفضل طريقة للرد على الطفل بشأن الأصول البشرية المختلفة، والأحجام، وعادات الملابس، واللغات هي أن نكون إيجابيين، مباشرًين، وصادقًين.

 عندما يسأل الأطفال سؤالاً حول موضوع ما، قدموا لهم إجابة، إنهم بحاجة إلى معلومات ذات صلة بالموضوع للتعرف على الحياة والمجتمع.

تعزيز الأخلاق الحميدة: الصغار ليسوا على دراية بالقواعد الاجتماعية. لذلك، من الضروري تعليمهم أن يكونوا حذرين ومحترمين في المجتمع.

ساعدوهم على فهم أن الاختلافات مفيدة وأننا جميعًا مختلفون في سمات معينة، أظهروا لهم أن هذه الخصائص تجعلنا مميزين، علاوة على ذلك مهما كانت خصوصيات كل واحد منا، فهناك دائمًا شيء مشترك بيننا.

نحن نعيش اليوم في بلد غني بالتنوعات الثقافية والاجتماعية فعلينا جميعا التعرف على هذه التنوعات وتقبلها، فتمييز الآخرين والهروب منهم يجعلنا نضيع ذلك الكنز الرائع المخبأ في كل واحد منا.

 عززوا احترام الاختلاف والتنوع لنساهم في بناء مجتمع أكثر انسجاما وأرقى.