على مدار الساعة

هل تركوا لغزواني مجالا لتحقيق رؤيته؟ (2) / التراد بن سيدي

09/28/2021 - 07:40

لم نكن نعتقد وقد لا يعتقد غيرنا ان التعهد بالصدق والوفاء بالعهد والعطف على الضعفاء للرئيس يشكل برنامجا كاملا شاملا قادرا على حل كل مشاكل الوطن الكثيرة والمعقدة ولنبدأ من البداية إن الرئيس غزواني جاء في مرحلة بلغت فيها المشاكل المتراكمة طيلة مراحل ما بعد الاسقلال درجة من الخطورة والتعقيد تجعل عدم السرعة في حل الملح منها يشكل خطرا وجوديا يهدد كيان الوطن بالأنهيار والفشل لقد وجد غزواني أمامه مشكلات مستفحلة ومظاهر تخلف على كل الصعد تسد الأفق و بينها ثلاث مشاكل لايسع أي مسؤول التأخر أوالتراخي في علاجها ووقف تأثير مفاعيلها إنها:
أولا: مشكلة الوحدة الوطنية المتمثلة في عدم المساواة ومشاكل كثيرة مرتبطة بمخلفات الرق. وتسوية ذيول القمع الذي تعرض له مكون إفلان١٩٨٩.
ثانيا: مشكلة تدهور البيئة الذي وصل لمستوى من التدهور وتوسع التصحر ينذر بكارثة حقيقية تقترب. ثالثا: حالة الحكامة التي بلغت من الفساد درجة صارت تقطع الطريق على أي نمو أو تقدم لأن التسيير بلغ من السوء بحيث أصبح بمثابة "ثقب أسود" يبتلع كل شيء !!!
لقد وجد غزواني هذه المشكلات أمامه ومشاكل كثيرة سواها ولا يمكن اعتبار عدم التنصيص عليها وتحديدها وذكر كل مشكلة بالإسم يشكل عدم اعتراف بها أو تناقض بينها وثلاثي مبادئ العمل الغزوانية (الصدق،الوفاء،والرحمة) لأن الصدق يعني التعامل مع الواقع بصدق وتحديد الأولويات والتعامل معها بجد وهنا لابد أن نتوقع وضعه المشكلات الرئيسية في مقدمة ما سيستهدف معالجته وحله كما أن مبدأ الوفاء بالعهد يطمئن على ثباته على مايتم الأقتناع به وتثبت فائدته ومبدئ العطف على الضعيف يطمئن على معالجة عدم المساواة و تأثير مخلفات الأسترقاق و بلسمة جميع جراحات الماضي التي عانا منها البعض!!!
هذا مانراه من انسجام منطلقات الرئيس وحاجات الوطن لعلاج مشكلاته الرئيسية!!
إذا استطاع الرئيس مواجهة هذ الواقع برجال ونساء يتسمون بالوطنية وقادرون على وضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار أما إذا عمل مع غير مخلصين ومع أعداء في أثواب أعوان ومساعدين فإننا لا نأمن حرف البوصلة عن الوجهة الصحيحة وخلق مشاكل وقضايا وهمية تربك الوضع وتشتت الجهود وتستنزف الوقت والطاقات فيما لاطائل من ورائه ، وقد تخلق أعداء وتزيف حقائق تدخل بها النظام في متاهات لا مخرج منها!!
إن الأمثلة كثيرة على استخدام القرب من النظام لمحاربته، أذكر في هذا الصدد عددا من الأمثلة أكتفي بواحد منها : في آخر أيام الرئيس معاوية بن سيد أحمد الطائع اتصل بي المغفور له بإذن الله رفيقي محمد يحظيه بن ابريد الليل ومعه الرفيق دفالي بن الشين أطال الله عمره وقالوا لي أنهم سيمرون علي وكنت في تن اسويلم وعند وصولهم قال لي محمد يحظيه نريد حديثا سريعا معكم في السيارة فصعدت معهم فبدأ محمد يحظيه بعد السلام يتحدث وقال أتيناكم لنسمع رأيكم حول وضع الحكم الآن( حكم معاوية) فقلت لهما رأيي أنكم تحتاجون أن تضعوا أيديكم على رؤوسكم خوفا من سقوط النظام الوشيك!! فقال لي محمد يحظيه كيف يسقط؟ "قلت أكبر الأحتمالات أن تسقطه بطانته والمحيطون به لأنهم بتوريطهم له في كل شيء هيؤوا أسباب سقوطه ومن الأسماء التي أوردت أنهم سيسقطونه المغفور له بإذن الله اعلي بن محمد فال ومحمد بن عبد العزيز وذكرت آخرين من الدائرة الضيقة حوله ( بعضهم لم يقبل المشاركة في الانقلاب) وأضفت : إن لم يسقطه هؤلاء الذين ورطوه وأضعفوه سيسقطه أي انفجار يقع في انواكشوط من أي جهة يأتي لن يصمد لأنه بلا محيط يثق به" لقد كان هذا الحديث بتاريخ اثنين أو ثلاثة أغسطس ٢٠٠٥ وفي نفس الليلة أو الليلة التي بعدها اتصل بي دفال قبل منتصف الليل ليقول لي أن هناك دبابات حول التلفزة لقد تم الانقلاب !!
لقد انطلقت في توقعي لمصير الرئيس معاوية من الحالة التي أعقبت محاولة فرسان التغيير لقد أصبح بلا محيط يخلص له و تفاجأ رغم ذكائه بضعف محيطه وانهارت ثقته في كل شيء رغم شجاعته وأصبح مهزوزا مرتبكا بسبب اكتشاف البطانة غير المخلصة (انتهى المثال)
إن بلدنا الآن يحتاج حاكما رزينا رشيدا يحدد توجهات سياسية واضحة تستهدف تجنيب الوطن مخاطر كبرى تتهدده إذا لم يغير ماهو سائد من ميوعة وارتباك يمنعان وضوح التوجهات وصدق الخيارات ومواءمة الوسائل مع الغايات والأهداف وإن الكثيرين من الذين لايبحثون عن مكاسب شخصية ولا يحابون أو يجاملون مسكونين بالهم الوطني يتمنون أن يكون غزواني قادرا ومستعدا للتصدي للمخاطر التي تزحف ويتطاير شررها من وحدة مهزوزة وفقر مدقع ووباء خطير وخدمات ناقصة ووعي أشوه!!!
فحماية الوطن والعبور به هذه المرحلة ونجاته مما يتهدده هو مطلب الظرف وحاجة المرحلة الذي لن ينسى التاريخ من حققه ومن شارك فيه فهل نستطيع الأمل بتحقيق أمانينا و يرى الرئيس الحاجة لوحدة وطنية وبرنامج واضح وخططا محكمة تستهدف قهر الصعاب وتفجير طاقات كامنة لهذا الشعب الخلاق الباحث دوما عمن يقوده نحو العلى والسؤدد ننسأل الله التوفيق والسداد للجميع.