
خلال فترات الأحكام الماضية التي تعاقبت على البلاد -من ساعة عت نعقل- كانت علاقة الشعب بالحكومة شبه معدومة؛ فالحكومة تفعل وتقول مايحلو لها في العلن ، والشعب يقول ويفعل مايحلو له في الخفاء، والكل يعرف موقف الثاني منه، ويعامله بتجاهل مطلق، وسقف الأمل واطئ لدرجة لمس الحصى.
ظهرت "السوشل ميديا" خلال حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وكان يتعامل معها بمبدأ (فاليكتب ماحب والينسخ ما حب) وصرح عدة مرات بالقول : (أنا مانصنت الشي من الناس كاعدين وراء كلافيي).
بعد تولي الرئيس غزواني عمل على تغييرت المعادلة، حيث أصبح الرئيس وحكوماته ينصتون للرأي العام ولكل ماينشر ، ويتعاطون معه، ويتفاعلون مع الإعلام الاجتماعي.
أصبح سقف الأمل عالي جدا، والمطالب بعدد أفراد الشعب والمقيمين، وكل فرد يمتلك هاتفا يرى أن رأيه هو الخريطة التي يجب أن تتبع كاستراتيجية للحكومة، وأن ماسوى رأيه يعد طوفانا مدمرا سيأتي على البلاد، وخيانة للامانة واستبدادا وديكتاتورية، بل وصل الأمر ببعض المتحمسين عن خفة وطيش لتنصيب أنفسهم كبديل للدولة.
نسي زملائي المدونون الأعزاء أن للحكومة من يرسم سياساتها ومن ينظر لمستقبلها، ويقيم ماضيها ويراجع حاضرها.
ثم نسوا أن التعاطي مع الرأي العام مجرد كمية من الاحترام كانت مصادرة في الماضي، وتم منحها في إطار الانفتاح الجديد، وأن مصادرتها من جديد أمر سهل تحت ذريعة عدم الأهلية ولن تحترق روما، ولن تخرب مالطا، وأن وضع قوانين جديدة لذلك أمر في منتهى السهولة.
خلال فترات الأحكام التي سبقت 2009 كانت الأنظمة تمنع الكلام، وبعد الانقلاب على المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله منح حق الكلام للشعب، ومنع على من يحكمونه حق الاستماع، وبعد تنصيب الرئيس غزواني منح الاثنين معا؛ لكن يجب أن لاننسى أن الحفاظ على المنح مرهون باستعمالها حسب الأصول والأعراف والقوانين.
4000 موريتاني أو تزيد قليلا هم من يدلول بآراء حول القضايا العامة في الإعلام التقليدي والجديد؛ لكل فرد منهم رأي مختلف عن الثاني، وأغلبهم يكفر بالاختلاف كفرا بواحا، ومن المستحيل أن نوفق بين أربعة آلاف رأي مختلف، دون أن نلغي أغلبها، وبالتالي وبما أن المساواة -حتى في الظلم- عدل، فإن إلغاء هذا المجال هو الحل.
العودة للمربع الأول أسهل بكثير من تأطير أربعة ملايين يرى كل فرد فيها أنه الممثل الوحيد لتلك الاربعة ملايين، ومن يقرر مصائرها، وقد قيل قديما أن منح الحرية المطلقة للشعوب الأمية نوع من التأسيس للسيبة.
#ذكدو