على مدار الساعة

في إطار تحرك موريتاني لمواجهة تحديات الهجرة.. جولة إقليمية لوزير الخارجية تحمل عدة رسائل (تقرير)

04/09/2025 - 22:16

يختتم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، في وقت لاحق جولة دبلوماسية شملت السنغال، وغامبيا، وغينيا بيساو، وساحل العاج، على أن يواصلها لاحقًا بزيارة إلى مالي، في إطار تحركات دبلوماسية تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي، ومواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها ظاهرة الهجرة غير النظامية.

 

وحمل الوزير في هذه الجولة رسائل خاصة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى نظرائه، عبّر فيها عن تحياته الأخوية وتقديره الكبير للعلاقات المتينة التي تربط موريتانيا بتلك الدول، مؤكداً الرغبة المتجددة في بناء شراكات نموذجية ومستدامة تتجاوز الطابع الرسمي، وتتجذر في التاريخ والثقافة والقيم الروحية والمجتمعية المشتركة.

 

وأكد ولد مرزوك خلال لقاءاته مع القادة الأفارقة أن هذه الزيارة تندرج في إطار مشاورات منتظمة تُسهم في إثراء التفكير الجماعي وتنسيق العمل الإقليمي المشترك، مشدداً على أن العلاقات بين نواكشوط وجيرانها ليست مجرد علاقات دبلوماسية، بل تُعززها وشائج الدم والروابط الحضارية والتقاليد الراسخة.

 

الهجرة غير النظامية في صلب التحرك الدبلوماسي

 

الملف الأبرز في هذه الجولة تمثل في مناقشة تداعيات الهجرة غير النظامية، التي قال الوزير إنها لم تعد مجرد تحرك سكاني عابر، بل تحولت إلى تهديد معقد وديناميكي عابر للحدود، له أبعاد أمنية وإنسانية عميقة.

 

وأوضح أن موريتانيا، الواقعة على طريق المحيط الأطلسي للهجرة من غرب إفريقيا نحو أوروبا، باتت تشهد ضغطًا متزايدًا، حيث ارتفعت وتيرة الهجرة بنسبة 80% ما بين عامي 2022 و2023، مع تصاعد مقلق لحالات الوفاة في عرض البحر. 

 

وقد سجلت البلاد خلال عام 2024 وحده أكثر من 500 جثة جرفتها الأمواج، فيما تجاوز عدد الجثث منذ يناير وحتى مارس 2025 عتبة الـ100.

 

وأشار إلى أن شبكات التهريب والاتجار بالبشر استغلت التنقلات التقليدية بين بلدان غرب إفريقيا، ما أدى إلى تحويل موريتانيا إلى نقطة انطلاق، وسط استغلال مافيوي خطير يشوه الطابع السلمي والشرعي للتنقل البشري في المنطقة.

 

جهود وطنية وإصلاحات تشريعية

 

وفي مواجهة هذا التحدي المتفاقم، استعرض ولد مرزوك جملة من الإجراءات التي اتخذتها موريتانيا، من بينها إنشاء 45 نقطة عبور حدودية لمراقبة التحركات وضبط التدفقات غير النظامية، إلى جانب مراجعة الإطار القانوني بما يتماشى مع التزامات البلاد الدولية وتحديات الهجرة المستجدة.

 

كما أشار إلى مبادرات موريتانية لتسوية أوضاع المهاجرين المقيمين من دول غرب إفريقيا، عبر تسهيلات للحصول على بطاقات إقامة، لكنه عبّر عن أسفه لكون نسبة كبيرة من المهاجرين لا تلتزم بتجديد هذه التصاريح، ما يعرّضهم لحالة قانونية غير مستقرة.

 

دعوة إلى شراكة إقليمية منظمة

 

وأكد الوزير أن موريتانيا ملتزمة بتشجيع الهجرة النظامية، الآمنة والمنظمة، وترفض أي تهاون في مواجهة الشبكات غير الشرعية، داعيًا إلى تنسيق إقليمي فعّال لمجابهة هذه الظاهرة.

 

وفي ختام جولته، اقترح الوزير تنظيم منتدى وزاري يضم وزارات الخارجية والتجارة والأمن في الدول المعنية، لوضع خطة مشتركة لمواجهة الهجرة غير النظامية، دون المساس بالاتفاقيات الثنائية القائمة، وبما يعزز من التكامل بين الاستراتيجيات الوطنية والرؤى الإقليمية.