
لقد سعت موريتانيا ، الدولة العربية الإفريقية منذ إستقلالها عن الإستعمار الفرنسي خلال ستينات القرن الماضي، أن تلعب دوراً محورياً علي صعيد الديبلوماسية و أن تحجز لنفسها مكانة مرموقة في المنظمات القارية و في المحافل الدولية.
فموقع البلاد الإستيراتيجي الفاصل بين شمال إفريقيا و جنوب الصحراء و كونها بوابة غربية للوطن العربي أعطاها ميزة خاصة ، مكنتها من أن تكون وسيطاً مقبولاً في تسوية العديد من الملفات و معالجة التحديات التي تواجه القارة الإفريقية.
فإبان توليها لرئاسة المنظمة بين 1971-1972م،حققت موريتانيا في ظل حكم الرئيس الراحل المرحوم المختار بن داداه ، نتائج طيبة في مجال العمل الإفريقي المشترك و حصلت علي دعم الأخوة الأفارقة للقضية الفلسطينية و قادت وساطات ناجحة بين العديد من دول العالم و هي مكاسب مهمة مكنت البلاد آنذاك من أن تحظي بإحترام و تقدير كبيرين من طرف العديد من قادة الدول و شعوبها.
اليوم ، بعد مضي مايزيد علي ستة عقود علي المؤتمر التأسيسي لمنظمة الوحدة الإفريقية يختتم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسته للإتحاد الإفريقي بعد سنة من العمل الديبلوماسي الدؤوب و الهادف في ظل ظرف دقيق من تاريخ إفريقيا التي أتسعت فيها فضاءات التنازع و تكاثرت بؤر التوتر مما أثر سلباً علي الأمن و الإستقرار و خلق بيئة مواتية للإنقسام السياسي الذي تضررت منه العديد من دول الاتحاد ، علاوة
علي الإشكالات التنموية ذات الصلة بالتعليم والصحة و التشغيل و التكوين المهني إضافة للتحديات البيئية التي شكلت هي الأخري إنشغالات حقيقية للرأي العام الإفريقي.
و لمواجهة هذه التحديات فقد ركز الرئيس ضمن الأولويات علي حشد مزيد من التمويلات لتلبية الحاجات التنموية الإفريقية المتشعبة و أسفرت جهوده عن تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية بمستوي غير مسبوق وصل 100مليار دولار و تعهدات القمة الإفريقية الكورية بزيادة كبيرة للأموال الكورية الموجهة نحو المساعدة الإنمائية ، حيث وصلت 10مليار دولار، زيادة على 14 مليار وجّهت خصيصاً لتمويل الصادرات.و هنا لا بد من الإشادة بالنتائج الإيجابية للقمة الرابعة للتعاون الصيني الإفريقي التي خصصت 50 مليار دولار لدفع عجلة التنمية في إفريقيا.
و بالموازاة مع كل هذه الجهود ، حرص فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في العديد من المحافل الدولية وخاصة في قمم الدول السبع و مجموعة العشرين و أبريكس ، علي التأكيد علي ضرورة حل مشكل المديونية بالنسبة لإفريقيا و مراجعة نظام المساعدة العمومية الإنمائية الذي لا يلبي الأهداف المرسومة.
ولا شك أن هذه الجهود الكبيرة ما كانت لتتم ، لولا الإلتزام بتحمل المسؤولية و الحرص على الإنجاز و عدم تفويت الفرص و حسن الأداء التي هي سمات مميزة لرئاسة فخامة الرئيس للإتحاد الإفريقي .
و في واقع الأمر ، فإن الحقيقة التي لا مراء فيها ، هو أن كل ما تم إنجازه ضمن هذه المأمورية هو بالدرجة الأولي حصيلة مشرفة لموريتانيا و شعبها و لديبلوماسيتها التي أستعادت مكانتها داخل البيت الإفريقي و دورها في المشاركة الفاعلة في صناعة القرار علي المستوي الدولي و ذلك في ظل قيادة هذا الرجل الذي يستحق منا جميعاً كل الإحترام و التقدير.