على مدار الساعة

التسويق المصرفي الإسلامي بين الالتزام الشرعي والأسلوب الكمي / حم أحميتي فال

02/11/2025 - 10:44

شكل التسويق المصرفي الإسلامي تطورا كبيرا كجزء من عمليات التسويق بشكل إجمالي ،فاتخذته معظم البنوك والمؤسسات المالية والتجارية وسيلة ناعمة وأداة حداثية تستقطب الجمهور وتعزز من انتشار الثقافة المصرفية ، ولعل التنافس المشهود الذي تعرفه الساحة المصرفية الإسلامية في موريتانيا اغتناما لهذه السانحة التي تتقيّد في طبيعتها بالبعد الشرعي و الأسلوب النوعي ،فكيف يتم إسقاط ذلك بما يخلق انتشارا سلسا للبنوك ويولج العملاء إلى خدماتها؟

مبدئيا يمكننا ان نتفق على تعريف مبسط للتسويق المصرفي الإسلامي، انه هو العملية التي تسعى من خلال البنوك ،إلى التعريف بخدماته ومنتجاته بما يخلق علاقة ثقة وود بين البنك والعملاء ،لاستقطاب أموالهم والاستفادة من  الخدمات التي يقدمها البنك طبقا للشريعة الإسلامية، فالعلاقة التي يطمح لشبكها هي علاقة ثقة وسمعة جيدة ،يقدم نفسه كبديل "للاكتناز "وتعطيل الفوائض المالية التي يمتلك البنك من القدرات الإدارية من خلال دوره كوسيط مالي مايضمنها لصاحب الثروة بشكل آمن ، كما يوجّه من خلالها سد ثغرات عجزٍ لمن لايملكون السيولة الكافية لتجسيد مشاريع وافكار استثمارية ضرورية، فالسبيل إلى هذه الدورة الاقتصادية هو أداته الاستراتيجية في عملية تسويق واضحة وناجحة، تضبطها ضوابطٌ شرعية ضرورية، لتبقى في اطار الشمولية والمنفعة الهادفة،،

١ -التكييف الشرعي : 
ان اغلب عمليات التسويق التي تطلقا البنوك الإسلامية ،والتي تترتب عليها سُحوبات على شكل جوائز أو هدايا مثل السيارات والهواتف والحواسيب الالكترونية ،تقوّم بمقياس الشرع ، فالدخول على السحب يستوجب أن يظل بلا قيود ولا رسوم مالية اجبارية على اساسها يدخل المستفيد عملية السحب ، فربما لايستفيد في الغالب شيئا !! فيصير هذا من قبيل  الغرر والميسر والضياع للمال بلا مقابل، فالمطلوب في هذه العملية حصرا هو مجانيتها وتقديم الجائزة على سبيل التبرع أوالهدية وهذا ما أصدرته بيوتات الفقه الإسلامية وأسست عليه المعايير الشرعية لمن يريد الرجوع إليها،،

٢- نوعية التسويق المصرفي :
إن المتتبع للشأن المصرفي الإسلامي يدرك الكثير من حديّة التنافس بين البنوك  والتي إنما بنيت على التقليد في كيفيتها، فقد تتفق البنوك المتنافسة في الجوائز أوالهدايا مما يحدث ركوداً في المشاركة، ويجعل عملية التسويق المصرفي ،محصورةً في زاوية واحدة، وربما تمكن قراءة هذه الزاوية كنوع من "المقايضة "مع حجم العملاء المشاركين وحجم التحويلات التي سيُجرون على هذه التطبيقات المصرفية التقليدية أو الرقمية، مايطرح التساؤل الواردة، هل البنوك تجار سلع أو مقايضة؟
إن عملية التسويق المصرفي تتطلب النوعية التي تستهدف كافة الشعب الموريتاني سواء كان في الداخل أو الخارج فكل مواطن يجب أن يستفيد من الولوج للخدمات المصرفية، خاصة وأننا - لله الحمد-بلد يتميز بكثرة مواده الاقتصادية وتنوع ثرواته من التنمية الريفية بشقيها الحيواني والزراعي، إلى الصيد والمحيط والتنقيب وغير ذلك ،كل الفئات الانتاجية هي مجتمع يستهلك الخدمات المصرفية ،ويحتاج لبناء وعي مصرفي ، يؤمّن له نتاجه المالي، ويحقق للبنوك الوطنية أماناً من "المخاطر الائتمانية" وأزمات السيولة ، فيمكن تنظيم الحملات التوعية والمهرجانات التعريفية، التي تقوم على النوع وليس الكم ، فيُدعمُ أصحابُ المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويحتضن مجتمع الطبقات الضعيفة اقتصادياً ،بما يدخل في البعد الاجتماعي للإدارة المصرفية، فالناظر لتدني الوعي المصرفي ،وتقلّص الثقة في المؤسسات البنكية ،يدرك أن التقليد بين البنوك في عمليات تسويقها ،يظل عائقا أمام زيادة الوعي والثقة،و حجم عملائها وكتلها النقدية الأساسية،!!

فبالمختصر،وخلال هذه المناقشة المتواضعة، ندرك أن عملية الشمول المالي لايمكن أن يتسع مقامها، مادامت العقلية التي تدار بها المصارف متكاسلة،ومقيّدة بجمهور الإنترنت المحدود نسبياً قياسا مع عمق الشعي والجمهور ،وحجم تدفقه النقدي ومصادر تحصيله،،،،
فهل ستخلق البنوك الموريتانية نمطية تفكير جديدة ومتنوعة أم ستظل قيد الكمية والتقليد في الاستقطاب!!