صاحب الفخامة، سيدي الرئيس،
بالرغم من أن هذه الوسيلة التخاطبية بين الرعية وأميرها (رئيس الجمهورية) وسيلة مقدسة ومهمة في الآن ذاته، إلا أنها في أزمنة خلت لم تكن بتلك القدسية وذلك الألق، نتيجة شيوع استخدامها لأغراض جعلت أهميتها ببالغ الأسف تتضاءل وتتراجع.
لكن مع كل ذلك سوف أوجه هذه الرسالة إلى فخامتكم وكلي أمل أن تصلكم رغم مشاغلكم الجمة والتزاماتكم وارتباطاتكم التي تجعل من تصفح الشبكة وقراءة مسودة بسيطة جدا كهذه أمرا ثانويا بالنسبة لكم، في الوقت الذي تركزون فيه على إرساء دعائم وتوطيد اركان مشاريع عملاقة أنتم بصدد تنفيذها أو بصدد وضع حجرها الأساس، مما يمس المواطن وصيرورة البلد بشكل عام.
وفقكم الله في القصد والمسعى ودفع عنكم ويسر لكم الخير حيثما توجهتم.
يتلخص سبب توجيهي لهذه الرسالة في كون المشاريع الكبرى التي أنجزتم خلال مأموريتكم كمبنيي البرلمان والمجلس الدستوري وجسر باماكو وجسر روصو الذي تقدمت الاشغال فيه كثيرا، إضافة الى مشاريع عملاقة ظلمها الإعلام ولم يعطها حقها، تمثلت في تدخلات مندوبية التضامن الاجتماعي ومكافحة الاقصاء "تآزر" الانشائية للمدارس والحفرية للآبار الارتوازية وغيرها، أن تتعرض لا سمح الله لآفة تعرضت لها مشاريع اخرى سبقتها (إنها آفة عدم المتابعة).
رسالتي تخص مقاربة متواضعة لترسيخ مفهوم المتابعة على مستوى مختلف مشاريع الدولة ومرافقها الإدارية.سيدي الرئيس،
في كل سنة تنفق الدولة عشرات المليارات من أجل إعادة تهيئة مشاريع وأبنية وغيرها وكان بالإمكان تلافي ذلك، لو تمت متابعتها والسهر على صيانتها أولا بأول ولما كلفت ميزانية الدولة كل هذه التكاليف.
من أمثلة هذه المشاريع التي ضربتها هذه الآفة بشكل عام:
مسجد أو مدرسة أو مرفق عمومي هنا أو هناك، حيث تخرج دورات المياه الاستخدام خلال الأسبوع الأول؛
مركب جامعي بدأت قاعاته ومقاعده المثبتة تتضرر بشكل كبير قبل أن يكمل عامه الأول؛
مشروع ضخم لتزويد إحدى المدن الكبرى بالطاقة الشمسية غمرته الرمال؛
أسورة مبان إدارية وخدمية بالداخل تسقط نتيجة زحف الرمال فيما كانت مبالغ زهيدة سنويا كفيلة بإزاحة تلك الرمال، بدل العمل على إعادة البناء؛
حنفيات هنا وهناك باتت خارج الاستخدام نتيجة عدم المتابعة فيما سيكلف إعادة الربط بشبكة المياه ميزانية الدولة نفقات أنابيب ومد توصيلات…الخ كان بالإمكان تلافي كل هذا، فيما لو تم اصلاح عطل بسيط كاستبدال حنفية مثلا؛
كم طريقا معبدا نزلت أرضيته بعد أن مرت به سيارات ومشاة لمدة أسبوع وظهر أنها لم تكن مضغوطة كفاية؛
كم مستشفى تعطلت مثلا سيارات إسعافه بسبب نقص بطارية، تولد عنها تهالك مبكر في المحرك بسبب الغبار والصدأ وعدم التشغيل وغيره، أو تعطل أحد أجهزته الحيوية لسبب جد بسيط فتعطلت بناء عليه خدمات كثيرة وتضرر مواطنون لذات السبب؛مشروع مدشن منذ فترة يسيرة يبدأ في التهالك نتيجة انعدام الصيانة؛
أذكر سنة 2012 أن مرفقا اداريا مهما طلب من مراجعيه العودة بعد أسبوع بسبب عدم وجود السلك الذي يربط الساحبة بالحاسوب، في الوقت الذي يكلف فيه هذا الكابل حدود 150 اوقية جديدة، واتذكر أني أعرته سلكا احتياطيا كان بحوزتي وتأكدت أنه يعمل بشكل جيد، وأعاده إلي بعد تلك الفترة.
والأمثلة كثيرة...
لذا سيدي الرئيس أرجو وكلي أمل أن تتبنوا انطلاقا من مبدإ العقوبة والمكافأة برنامجا متكاملا يتمثل في منح جائزة سنوية للمتابعة لصالح المسؤول الذي تتم متابعة المشاريع في قطاعه أو مصلحته أو مرفقه الإداري أيا يكن حجمه، والسهر على صيانتها وجعلها صالحة للاستخدام طوال السنة.
هذه الجائزة يكافأ صاحبها بالسماح له دون غيره بالانتقال إذا تحققت شروط معينة (…) من وظيفة الى أخرى بسلاسة وانسيابية كي يبدع فيها أيما إبداع ويترك النفاذ إلى مشاريعها وخدماتها متاحا حتى نهاية السنة وهكذا.
يشار إلى أن تقييم الأداء المتواصل بحسب معيار متابعة المشاريع لكل قطاع سيمكن من ترتيب هذه القطاعات حسب بعدي الولوج والاستمرارية وهو ما من شأنه خلق منافسة حثيثة من أجل صيانة مكتسبات تحتية يجد مواطنونا أنفسهم في أمس الحاجة إليها.
إن خلق جو تنافسي بين مختلف القائمين المشاريع والمرافق العمومية، تشرفون عليه سيدي الرئيس شخصيا وتسهرون على شفافية أنشطته لكفيل بضمان استمرارية الخدمات من جهة وترشيد موارد نحن في أمس الحاجة إليها.لن أقول سيدي الرئيس ما سمعت بعض الموردين يقولونه بعيد تدشين مشاريع أسند إليهم القيام بها وفق دفاتر شروط والتزامات معينة، أنهم يتمنون بعد التدشين أن يفسد كل شيء لأنهم اخلوا مسؤولياتهم بعد استلام تلك المشاريع، وهو ما يفرض علينا إدراج بند السهر على المشروع فترة كافية (3 – 6 أشهر) في دفتر الشروط والالتزامات على المورد مع تحمل ما يكلفه ذلك، حتى نتأكد أن خدمات مشروعه يمكن ان تستمر حتى أشهر من استغلاله، الأمر الذي سيظهر معه حتما نوع المواد المستخدمة ودرجة جودتها وقوة تحملها خلال فترة الاستخدام القصيرة هذه.
ختاما سيدي الرئيس، في المتابعة يتنافس المتنافسون.
أخيرا أتمنى أن أكون قد وفقت في توصيف الفكرة، كما أتمنى أن تصل إلى ولي الأمر وأن تنال تزكيته واستحسانه.