يزور السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مدينة كيفة خلال الأيام القليلة القادمة لتدشين بعض المنشآت الحضرية ووضع الحجر الأساس لِأخرى، تستفيد منها بعض الأسر المتعففة في لفتة غير مكتملة إلى الطبقات الهشة.
وهذا أمر محمود رغم ما يعتريه من نقص ومن مآخذ في البرامج والإجراءات.
سيصل الرئيسُ كيفة في ذروة الصيف؛ حيث الحر والقحط، وسيشق موكبه وسط المدينة في احتفال بائس في قالب بهيج،
وسيُستقبل بالحفاوة المعهودة عند أهلنا في سكطار وأنتو واتويميرت وأدباي والنزاهة ولقليّك وفي كل أحياء المدينة بالرقص وقرع الطبول وصوت المزامير والألعاب البهلوانية، والزغاريد وطلقات البنادق التقليدية .. إنها ألعاب فلكلورية تحكي في المجمل قصة شعب عانى ظلما اجتماعيا لاتزال آثاره ماثلة، وقد آن لها أن تنقضي.
وستستقبله وجوه ناضرة تجلس في الصفوف الأمامية، ووجوه باسرة مغبرّة طَمَسَ الحرمان بهاءها، تقف خارج المنصة الرسمية حلبةِ المستفيدين.
وحين يُطلب اللقاء يكون مع "الوجهاء" والسياسيين من غير المهتمين بالقضايا الأساسية للمواطنين.
وكل سيغني على ليلاه .. يفخر ويمدح، وينهي معلقته بمطالبة الرئيس بالترشح.
هي وفود قادمة من العاصمة لإضفاء الصبغة الجمالية على المكان، لكن السيد الرئيس يميز سكان العاصمة، ويعرف أهل كيفة "جيدا"، فسيماهم في وجوههم من أثر المعاناة والحرمان والويلات ...
سيقف الرئيس وسط الجماهير في كيفة مزهواً بانتصار "استمرار النهج" على إرادة الإصلاح، ويحييهم مثلما حياهم قبله رؤساء، ويخطب مثلما خطبوا ويتعهد كما تعهدوا .. وسيعترف لهم بمعاناتهم ويواسيهم، ويَعِدهم بالتغيير إلى الأحسن في العهدة القادمة مثلما تعهد سابقا، وللعهد عنده "معنىً"..! العناية والدعم الزراعي غير المغشوش.
كما لم ولن يفوته ما تملكه الولاية عموما من مقدرات اقتصادية وسياحية وثقافية بمقدورها تحقيق إقلاع تنموي يغير حياة السكان إلى الأفضل عند امتلاك الإرادة.
وقبل ذا وذاك تظل جرعة التخدير السياسي مع الشحن القبلي تكبّل نمط تفكير البسطاء في كيفة، وتجعلهم يكتفون من الغنيمة بالإياب .. بالحضور والتصفيق والرقص مثلما يرقص الأصم على إيقاع مُمَوّه .. وجوْقُ المنتخَبين و"الوجهاء" يُسَخّرهم في كل مرة لأهدافه، ويَسْخر منهم في أدائه المحكوم بالضحالة والفوقية.