استبن ( نواكشوط )- الناشر : موقع فورين بوليسي Foreign policy
نلاحظ منذ فترة أن حلف الناتو والصين وروسيا والقوى الإقليمية تريد علاقات أوثق مع الدولة المستقرة في غرب أفريقيا والتي تتمتع بإمدادات الطاقة الحيوية وموقع ذي قيمة استراتيجية.
على الرغم من تاريخها الذي تخللته الانقلابات ومخلفات الإرث الطبقي، كانت سياسة مكافحة الإرهاب والتحول الديمقراطي في موريتانيا من بين قصص النجاح القليلة في منطقة الساحل.
ومع تحسن الوضع الأمني في موريتانيا وتحول نظامها السياسي إلى الديمقراطية، تعززت علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي بشكل كبير حيث يشرف حلف شمال الأطلسي على تدريب عسكريين موريتانيين بالإضافة إلى إنشاء أربعة مراكز لإدارة الأزمات في البلاد.
وفي يناير 2021، أصبح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أول رئيس موريتاني يزور مقر الناتو.
واستقبله الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يينس ستولتنبرغ وقدم له ترحيبا حارا، وأشاد بدور موريتانيا ووصفها بأنها "قائدة مجموعة الساحل" وتعهد بتعميق التعاون الأمني معها.
وأثارت دعوة موريتانيا لحضور قمة مدريد في يونيو 2022، باعتبارها شريكًا من خارج الناتو، تكهنات حول توسيع التعاون الأمني بين الناتو وموريتانيا مدفوع أيضًا برغبة الدول الأوروبية في تعزيز التعاون مع موريتانيا بعد أن علقت المفوضية الأوروبية مؤخراً تعاونها مع النيجر مما زاد من أهمية موريتانيا استراتيجيا.
وقد أصبحت موريتانيا وجهة جذابة للاستثمار الخارجي في الطاقة النظيفة ضمن منطقة مضطربة..
فمع سعي الدول الأوروبية للبحث عن بدائل لتوريد الطاقة، اكتسبت موريتانيا أهمية استراتيجية جديدة.
ومن المقرر أن تصبح موريتانيا مصدٌرة للغاز إلى أوروبا مع اكتمال المرحلة الأولى من مشروع السلحفاة آحميم الكبير، الذي تنفذه شركة بريتيش بتروليوم وشركة كوسموس إنرجي.
ويمكن لموريتانيا أن تضع نفسها بسهولة كمركز مندمح للطاقة المتجددة في غرب إفريقيا، حيث تتوفر على 700 ألف كيلومتر مربع (270 ألف ميل مربع) من الأراضي المتاحة لبناء محطات الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.
وفي مارس 2023، وقعت شركة Conjuncta الألمانية لتطوير المشروعات مذكرة تفاهم مع شركة Infinity المصرية لتوفير الطاقة وشركة مصدر الإماراتية لمشروع هيدروجين أخضر بقيمة 34 مليار دولار في موريتانيا.
ويمكن أن يؤدي هذا المشروع إلى إنتاج ما يصل إلى 8 ملايين طن متري من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
إن قدرة الذراع الديبلوماسي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على المزاوجة بين الملف الدبلوماسي المتنامي لموريتانيا ومشاريع النمو الاقتصادي على المدى الطويل والتدابير الفعالة لمكافحة الإرهاب هي ما سيضمن لموريتانيا تجنب الانجرار إلى النزاعات والمشاكل التي تتنامى في منطقة غرب أفريقيا.