لم تشهد مسيرة استقلال موريتانيا من الأزمات التي شكلت تحديات حقيقية أثرت بشكل جذري على حياة الناس، بعد أزمة الجفاف التي ضربت البلد أواسط سبعينيات القرن الماضي، مثلما حدث مع أزمتي كوفيد والحرب الروسية على أوكرانيا.
لكن الله قيض لتلك الأزمات رجالا عظاما لتمر البلاد بسلام إلى ضفة النجاة، فكان الرئيس المؤسس المختار ولد داداه وحكومته بالمرصاد لتداعيات نزوح غالبية سكان البلد من الأرياف نحو المدن، مجردين من كل أسباب قوتهم المادية حينذاك (المواشي والزراعة).
وفي الأزمتين الأخيرتين، وقف الرئيس الحالي، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وحكومته أمام الخطر الصحي الخطير العابر للحدود، وذلك حينما دخلت الإصابات بكوفيد-19 أرض الوطن، وبدأت في الانتشار شيئا فشيئا حتى أصبح خطرها واقعا معاشا حصد الأرواح وعطل حركة الاقتصاد وفرض الإنزواء عن العالم في ركن آمن انتظارا لانقشاع الغمة.
لقد سهر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على متابعة الوضع الخطير، توجيها وتأطيرا، حتى خرجت موريتانيا من الجائحة بأقل الخسائر، مقارنة بدول الجوار، بل وبدول العالم أجمع.
ولم يكد البلد، مثل غيره من بلدان العالم يتعافى من آثار الجائحة، حتى وجد الاقتصاد العالمي نفسه أمام أزمة جديدة ضربت كل الأسواق الدولية في الصميم، وولدت أزمة في الغذاء والطاقة، وارتفاعا في أسعار المواد الاستهلاكية.
إنها أزمة الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، والتي تحولت في ظرف قياسي إلى حرب كونية غير معلنة، ولدت أزمة في الحبوب وصعودا في أسعار المحروقات.
غير أن رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، كان لهذه الأزمة الجديدة بالمرصاد، حيث وجه الاهتمام نحو الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء، مشرفا بنفسه على إطلاق الحملات الزراعية، ورعاية الثروة الحيوانية، فضلا عن توجيهاته السامية للحكومة من أجل التدخل الفوري لدعم الطبقات الهشة على تجاوز الأزمة، فكانت وكالة "التآزر" ومفوضية الأمن الغذائي حاضرتان بقوة في كل شبر من أرض الوطن.
كما أن رئيس الجمهورية قد أشرف بنفسه على حملة توظيف واسعة استفاد منها آلاف الشباب في مختلف المجالات، وهو ما أسهم في تراجع نسب البطالة بشكل فوري وملحوظ.
ولم يكتف رئيس الجمهورية بمجرد تقديم الإعانات وتشغيل العاطلين، بل إنه عزز صمود الطبقات الهشة أمام موجات الغلاء، التي طالت مختلف دول العالم، بقدرة الفقراء على المحافظة على صحة أفرادهم من خلال منحهم التأمين الصحي الشامل.
ولم تشغل الأزمتان الطارئتان رئيس الجمهورية عن تطبيق برنامجه الانتخابي الذي نال تزكية غالبية أفراد الشعب قبل أربع سنوات، فكان الوفاء شعاره الأبرز، وظلت وتيرة الوفاء بالبرنامج الانتخابي "تعهداتي" متسارعة حتى النهاية.كما عالجت مديرية العمليات الحضرية مئات الملفات التي تتعلق بطلبات وتظلمات المواطنين، فضلا عن إصدار عشرات أذون البناء على مستوى العاصمة نواكشوط.
كما شهد مجال البنى التحتية قفزة نوعية أنتجت بناء العديد من المحاور الطرقية الهامة، ومئات الكيلومترات داخل المدن، وذلك وفق المعايير الدولية المعروفة في هذا المجال، ويجري العمل على إنشاء ثلاثة جسور في العاصمة نواكشوط، في حين تم توقيع ثلاث اتفاقيات هامة، تقضي أولاها ببناء جسر روصو الرابط بين موريتانيا والسنغال، الذي قطع تنفيذه مراحل متقدمة، وتتعلق الثانية ببناء طريق سريع بين العاصمة نواكشوط ومدينة بتلميت، بينما تتمثل الاتفاقية الثالثة في توقيع اتفاق لتوفير قطار "تراموي" لحل مشكل النقل داخل العاصمة نواكشوط.
وفي المجال التربوي، تجري الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال العام الدراسي الثاني للمدرسة الجمهورية، وذلك بعد سنوات أربع من تشييد وترميم وتأهيل المدارس واكتتاب دفعات المدرسين تلو الدفعات.
وفي مجال توفير خدمات الماء والكهرباء والصحة للمواطنين، افتتح رئيس الجمهورية عهدا جديدا من الزيارات المفاجئة التي مكنته من الاطلاع بنفسه على مكامن الخلل وتحصيح الاختلالات، فجاء التفعيل الفوري لمبدأ العقوبة والمكافأة، وهو ما بدأ ينعكس إيجابا على حياة الناس.
وفي المجال الاقتصادي، انتشلت الدولة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" من وضعها الكارثي الذي خلفه نظام العشرية، لتعود للعب دورها الاقتصادي الهام والمحوري في إنعاش اقتصاد البلد، كما تم تنظيم الصيد البحري ليمارس دوره الكامل في دعم الاقتصاد وتشغيل اليد العاملة من خلال القيام بإصلاحات جوهرية غير مسبوقة، فضلا عما تم القيام به من تمويل لمئات المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مختلف المجالات، وتنظيم وتأطير لمجال التنقيب الأهلي عن الذهب.
وفي المجال الدبلوماسي، أعادت حكمة الرئيس وتبصره الدفء لعلاقات البلد مع دول الجوار ومع العديد من الدول العربية والأجنبية، كما أعادت الندية والتوازن والاحترام المتبادل بين موريتانيا ومختلف دول العالم.
كل تلك الإنجازات، وغيرها مما لم يتسع المجال لذكره، تمت دونما منة أو تطبيل، لأن من يعود له الفضل في إنجازها لم يقم بها انتظارا لشكر من أحد.. بل هي التربية التي تدفعه لخدمة الغير، وتوزيع الأخلاق الجمة التي وسعت الكل.
محمدن أبراهيم ولد داداه