على مدار الساعة

في مقابلة ل "استبن" : ولد مولاي اعل يتحدث عن "تدوير المفسدين وواقع الصحافة في موريتانيا

09/19/2022 - 09:05

استبن (نواكشسوط) ـ أجرت "استبن" مقابلة مفصلة مع الإعلامي المخضرم الحسن ولد مولاي تطرقت لعديد المواضيع.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السؤال: موريتانيا برأيكم إلى أين؟
الجواب: اعتقد أنه من الأولى أن نتساءل عن العالم إلى أين، موريتانيا تهمنا، ولكننا في عالم يطرح كثير التساؤلات، حول مستقبل البشرية، وخصوصا في الدول الصغيرة.
عموما أعتقد ان الواقع الحالي يمكن أن يبنى عليه بعض الآمال، في التقدم نحو اهداف النمو، وهناك شرطان أساسيان.
أولا، تكف السلطة عن تدوير المفسدين، الذي يتحملون جزءا كبيرا مما نحن فيه.
ثانيا: أن تشدد الرقابة والمحاسبة على ميستجد من غلول وفساد، نحن شعب قليل ومواردنا كثيرة ، موقعنا جيد، وعلاقاتنا بجيراننا طيبة، لكن 40 سنة من "السيبة و "اللاقانون" لا يمكن أن تبنى معها دولة، لا بد من وضع حد لهذع الفوضى ويجب ان تتوقف، وحين تتوقف اعتقد أن المستقبل سمن على عسل.
السؤال: هل ترى أن موريتانيا الآن تسير على الطريق الصحيح "فكريا" "سياسيا" " إعلاميا" ؟
الجواب: حقيقة الطريق الصحيح كلمة كبيرة، وتتطلب اولا معرفة المعايير التي بتوفرها يكون الطريق صحيحا.
اعتقد أنه على المستوى الفكري، لا تكون الدولة والسلطة مسؤولة عنه ، هذا شأن النخبة، والنخبة في غالب أطوارها ـ مع الأسف ـ نخبة مغشوشة، إما جلبت الغش من التراث والتاريخ ، لأن التراث البشري فيه الغش ، أو جلبته من تيارات أخرى حديثة، هل هناك أمل في هذه النخبة ان تنخلع من عباءات الغش المستنبت او الموروث، إذا كان الجواب نعم ، فهي تسير على الطريق الصحيح ، وإذا كان الجواب لا ، ف"حدية "لا ونعم" في قضايا الفكرة ليست بالسهلة.
أما على المستوى السياسي فنحن مع هذا النظام نعيش منذ ثلاث سنوات ما اعتبرناه خروجا من مسلسل الانقلابات المتلاحقة.
أملنا في أن الرجل الذي استلم السلطة من خلال تعهداته ومن خلال مسكلياته، بعض الجوانب الخلقية والدينية نعلق عليه الكثير من الأمل انه ربما الوحيد الذي باستطاعته من خلال علاقته بجميع الأطراف، أن يعزل النظام عن قيادة الجيش.
إذا حصل هذا فهو أمل يتحقق، وهو أمل كل الناس، إذا لم يتحقق، فهو شر خير مما قبله، أو شر مما بعده.
أما على المستوى الإعلامي فالإعلام يعيش أزمة منذ بعض الوقت، والكل يدعي العمل على المساعدة في الخروج من هذه الأزمة، بما في ذلك السلطة، والإعلاميين والمؤسسات، لكن في واقع الحال ـ مع الأسف ـ جهودهم لم تتكامل بعد ، ولم تستطع إخراج الإعلام من عنق الزجاجة.
وهناك في الحقيقة أمور مستجدة ، لاصلة لأحد بها ليست السلطة مسؤولة عنها ولا الإعلامي ولا المستهلك، وهي انفجار هذا الإعلام البديل، اليوم أنت إعلامي، وأنا إعلامي وكل من يملك هاتف إعلامي يرسل ويستقبل ويحلل...إلخ، وهذا زاد الطين بلة، القوانين وحدها لا تستطيع أن تعطي اعلام صحيحا، لكن إرادة ان يكون هناك اعلام صحيح تشترك فيها الدولة والنخبة الإعلامية وهذا من شأنه أن يقود إلى الذي ننتظره من الإعلام.
السؤال: ماذا عن تجربتكم في بدايات الحركة الإسلامية في موريتانيا، وهل كنتم أول أمير لها؟
الجواب : لم أكن أول امير للحركة، كنت فعلا أحد قادتها المؤسسين،  بل كنت ثاني أمير بعد الأستاذ محمد الأمين ولد عبد الرحمن الشيخ .
أنا من خلفته عندما غادر البلاد في بعثة تعليمية ، وفي البداية خلفته بالتوصية ثم انتخب من طرف المؤتمر العام.
كنا منذ بداية النشأة قررنا أن تكون الرئاسة دورية لمدة سنة واحدة ، وأن تكون بالإنتخاب ممن يحق لهم حضور المؤتمر العام، لأن الحضور له محدود.
يومها كانت الأمور معقدة، والمخاوف الأمنية موجودة.
السؤال : كتبتم مؤخرا مقالا بعنوان، عاصفة الريسوني لن تقتلع غيره، انتقدتم فيه الرجل، ودافعتم عن العلاقات مع بلده، لفائدة من قال الريسوني ماقال؟
الجواب: انا لا أفهم الرجل بانه كان مخرفا، ول معاديا لموريتانيا. 
الرجل شيخ كبًار، من دولة عريقة لا شؤونها، ولها ابعادها العميقة. 
هم يتربون على الولاء الزائد، يسجدون لملوكهم، بما في ذلك العلماء.
يتخذون في ذلك بعض الذرائع، قد لا تكون مقنعة، وأنا شخصيا لا تقنعني.
التصريح جاء في مغبة بائقة التطبيع المغربي مع الاسرائيليين الذين يحتلون فلسطين،  هذه هي المشكلة الحقيقة،  فالعالم العربي والإسلامي الآن ينظر شزرا إلى المغرب لأنه أقام علاقات مدينة مع هذا الكيان.
فالرجل بما جبل عليه هو وأمثاله يحاول أن يدخل في هذا المجال،  ويقول إن الملك هو كل شيى، وإذا أمر وجب النفير ، وإذا أمر بالجهاد وجب، ثم طاف برأسه طائف، ان المغرب اصلا غير راض عن استقلال موريتانيا، فأفلت منه الزمام، فقال كلاما لا ينبغي لأمثاله.
هو بكل تأكيد أخطأ، لكن المؤكد أن الخطأ لا تتحمله المملكة المغربية ،بعلاقاتها الجيدة على كل الصعد مع بلدنا، بعد أن انهت خصومتها في بداية السبعينات،  ولا يتحدث قطعا باسم هيئة كبار العلماء، فهو ليس ذا صفة وهو يتحدث بما تحدث به.
شيخ، ومواطن مغربي، اعتقد أنه أخطأ وعلق سبة ستذهب معه ولن يغفرها له المستهدفون.
السؤال: واقع الصحافة في موريتانيا؟
الجواب: موريتانيا بلد بما فيه جديد وحديث والصحافة هي مع هذا، كانت تترجم قرارات الحكومة تنحصر في وسائل محدودة.
كان الإعلام رافدا في نهضة المجتمع وتفهيمه مجموعة من الحقائق الغائبة عن مجتمع البادية.
بعد أن حصل ما سمي يومها فتح باب حرية الإعلام فتح كثير من "المغامرين " صحفا ومجلات حاولوا أن تعطي دور الصحفي بمعناه الحقيقي.
كانت لهذه الصحف صولات وجولات مع النظام حينها، فنظام الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع، نظام عسكري لبس لباسا مدنيا.
وبعد أن حصل الانفجار الإعلامي الكوني ولم يعد يمكن التحكم فيه، تم ترسيم وترسيخ حرية الصحافة، بما فيها حرية الصحافة السمعية البصرية، وهي خطوة بالغة الأهمية، بمعنى أنها تعطي لغير السلطة حق مخاطبة المجتمع.
لكن مجتمعنا له خصوصياته، المؤسسات الإعلامية الخصوصية قامت على أكتاف رجال الأعمال.
أولا، لأنهم هم المبادرون لأن يكون لهم لسان، في الساحة الاقتصادية والسياسة أيضا، وهم الداعمون للمؤسسات، وأصحاب البضائع التي تحتاج للترويج، وكل هذا ليس موجودا في موريتانيا. 
عندما رخصت الدولة هذه المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية،  دعت رجال الأعمال من يريد أن يفتتح قناة إذاعية أو تلفزيونية، لم يجبها أحد، وهذه حقيقة مغيبة، ولكن هي الحقيقة. 
فاضطرت السلطة لأن تعمل من تحت الطاولة من خلال بعض اصدقائها من رجال الأعمال، وتقول لهم ساعدونا، نحن نريد أن نفتح بابا للحرية.
المهم أن حدث أن بعض رجال الأعمال ممن تتعامل معهم الدولة في صفقات البنى التحتية وبعض الميزات فتحوا بعض القنوات، وكانت تجربة في منطلقها جيدة ورائدة، واحتل بها المقدمة في مجال حرية الصحافة عدى سنوات متتالية.
لكن هؤلاء التجار هم الذين كانوا يصرفون على هذه المؤسسات، وهذا ليس هو الطبيعي، أن التاجر الذي يبيع  ويشتري من أجل الربح، لا يمكن أن يظل يدفع لي ولا لغيري من أجل دفع رواتب عمال يقولون ما لا شأن له به، ولا علاقة، وليس من أهله اصلا، وبالتالي توقف رجال الأعمال عن دعم هذه المؤسسات.
السلطة كانت تنظر للأمر، وتعرفه حق المعرفة، ولم تحرك ساكنا، فهي في ذلك الوقت لا تريد أن تتجاوز ما حدث.
وبالتالي لم تتصرف، هناك صندوق للدعم يتوزع بين من يكتب أي كلمة تحت أي عنوان، وبالتالي فهي مهزلة أكثر منها أداة لدعم الصحافة .
السؤال: ربما يغيب عن البعض أنكم قامة أدبية، نريد إن أمكن آخر ما جادت به القريحة؟
في الحقيقة في مرحلة الشباب كنت مولعا بالأدب، بشقيه، وكنت أشارك في انتاج بعض منه.
لكن ثمة مسألتين ، الأولى في مرحلة من المراحل، كثر العمل ،وواجهت تحديات لابد من تحققها، فقررت أن اعزل نفسي عن الشعر.
لكن يبقى مسألة كبيرة عندي، وأهتم به، قديم الإنتاج ربما ليس مهما لكم.
آخر ما أقول "كًاف" في التسعينات، نصحية  لأحد الصغار، وهو من أدب الشيوخ:
لا تزهزَ بصْداكتْ أصديكْ .. ؤلاتخونُ سرٌ لاتردٌ
ورْعَ لايشوف أعليك ش أَدكيكْ .. لانكبْ، مايولٍ أبكدٌ
ـــــــ
استبن، تلفت عناية متابعيها أن عديد الأجوبة ستنشر تباعا على شكل مقاطع "بود كاست" عبر  قناة اليوتيوب وعلى منصتنا وموقعنا الألكتروني.